فعلى ذلك أول ما يقدم من التركة ما يكون في شأن ما يحتاج إليه الميت من تغسيل وتكفين ونحو ذلك. لكن الطيب والحنوط ليس بواجب بل هو مستحب فعلى ذلك يقدم عليه غيره إلا إن رضي بذلك صاحب الحق.
قال: (فإن لم يكن مال فعلى من تلزمه نفقته)
فإن لم يكن له مال، فعلى من تلزمه نفقته في الحياة.
فالوالد مثلاً ينفق على ولده فيجب أن يتكفل الوالد بتكفين ولده وما يحتاج من تجهيزه.
قال: (إلا الزوج فإنه لا يلزمه كفن امرأته)
هذا هو المشهور في مذهب الحنابلة، وهو مذهب الأحناف.
قالوا: لأنه لما ماتت زوجته قد امتنع الانتفاع بها فلم يجب الإنفاق عليها كالبائن والناشز.
وقال الشافعية في الأشهر عندهم وهو قول في مذهب الإمام مالك وقول في مذهب الإمام أحمد وحكي رواية عن الإمام أحمد: أن تجهيز المرأة واجب على زوجها – وهذا القول أرجح –؛ وذلك لأن إنفاق الزوج على زوجته واجب ما دامت زوجة له، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: (لو مت لغسلتك ثم كفنتك) (?) الحديث، فدل هذا على بقاء معنى الزوجية.
ولأن من وجبت عليه النفقة في الحياة فيجب عليه الكفن والتجهيز بعد الممات، كما يجب على السيد تجاه رقيقه وهذا بالاتفاق، ولأن النشوز فعل من الزوجة اقتضى أن تؤدب بمنعها من النفقة، وأما البينونة فهو انفصال تام بحيث أن المرأة قد انتقلت إلى نفقة غيره إما بزواج أو بأن ترجع إلى من ينفق عليها سابقاً، أما هنا فإن معنى الزوجية باق بدليل جواز تغسيلها باتفاق العلماء وبالأحاديث السابقة.
فعلى ذلك الأرجح – وهو الأشهر في مذهب الشافعية -: أن الزوج يلزمه الإنفاق على زوجته في تكفينها وتجهيزها.
ثم بعد ذلك – أي بعد من تلزمه النفقة في الحياة - يكون ذلك إلى بيت المال؛ لأن بيت المال لمصالح المسلمين وهذا من المسلمين وهو محتاج إلى ذلك.