فإذن هذه حجة ظاهرة في أنه قد خطب عليه الصلاة والسلام.

وأجاب عنه الحنابلة: بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما خطب ليعلمهم حكم صلاة الكسوف ونحو ذلك.

لكن هذا الجواب ضعيف فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما خطب في عيد الأضحى في الأضاحي ولم يقل بعدم مشروعيتها لكلامه في الأضاحي، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكّر الناس ووعظهم – كما تقدم في الخطب السابقة عنه، ثم إن الحاجة إلى بيان حكمها يحتاج إليها مطلقاً من النبي صلى الله عليه وسلم وغيره.

فإذن الصحيح هو مشروعيتها، لكن الأحاديث المتقدمة لا تدل على ما ذهب إليه الشافعية من أنه يشرع لها خطبتان وإنما ظاهرها أنها خطبة واحدة، وهذا ما ذهب إليه بعض الحنابلة وهو القول الراجح. وهذه الخطبة ليست شرطاً في صحة الصلاة، كما أن حضورها سنة كما تقدم في الكلام على خطبة العيد؛ وذلك لأن ليس فيها إلا مجرد فعله – عليه الصلاة والسلام – ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب.

مسألة: إذا اجتمع صلاة كسوف وشيء آخر كصلاة عيد أو مكتوبة أو نحو ذلك؟

إذا خشي فوات إحداهما فإنها تقدم على ما لم يخش فواته.

مثلاً: إذا لم يعلم بثبوت العيد إلا في الضحى الكبير وخشي إن اشتغلوا بصلاة الكسوف أن تفوتهم صلاة العيد وظنوا تأخر الكسوف، فحينئذ يشتغلون بصلاة العيد لخشية فواتها.

مثال آخر: إن كسفت الشمس وحضرت صلاة مكتوبة فخشوا إن اشتغلوا بالصلاة المكتوبة أن يفوت الكسوف مع أن وقت هذه الصلاة موسع، فحينئذ: يشتغلون بصلاة الكسوف.

أما إذا خشي فوات الجميع فإنهم يقدمون أوجبهما، وإن لم نقل بوجوب صلاة الكسوف فإنه يقال: يقدم أوكدهما.

والحمد لله رب العالمين

ا

انتهى باب صلاة الكسوف

باب: صلاة الاستسقاء

الاستسقاء هو طلب السقي أي بنزول المطر ونحوه.

فصلاة الاستسقاء هي الصلاة المشروعة لطلب السقي من الله تعالى.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (إذا أجدبت الأرض وقحط المطر صلوها)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015