فإن قيل: فما الجواب عن قول ابن عباس في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال – رضي الله عنه -: (انخسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فصلى فقام قياماً طويلاً نحواً من قراءة سورة البقرة) فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر لصرح رضي الله عنه بقراءته ولما قال: (نحواً من قراءة سورة البقرة) ؟
فالجواب على ذلك: أن قول ابن عباس لا يعارض بحديث عائشة، فإن غاية قوله هو نفي الجهر وأن كان ليس صريحاً في ذلك فغايته عدم سماعه لجهر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعائشة قد أثبتت جهره، والمثبت مقدم على النافي ويحتمل أن ابن عباس لبعده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ذلك. ومعلوم أنه لم يكن من كبار الصحابة بل قد توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ناهز الاحتلام، فلعل هذه الصلاة في سنه العاشرة أو الحادية عشر فربما كان في أواخر الناس فلم يكن يتبين قراءة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أما عائشة فقد صرحت بإثبات الجهر.
فعلى ذلك يستحب الجهر سواء كانت الصلاة لكسوف الشمس أو لخسوف القمر فإن الحديث المتقدم حديث عائشة في صلاة كسوف الشمس وهي في النهار فإذا كان ذلك في النهار الذي الأصل فيه أن تكون القراءة سرية فأولى من ذلك صلاة كسوف القمر الذي يكون ليلاً.
قال: (يقرأ في الأولى جهراً بعد الفاتحة سورة طويلة)
كما تقدم عن ابن عباس نحواً من سورة البقرة، وهذا على الاستحباب.
قال: (ثم يركع ركوعاً طويلاً ثم يرفع ويسمع ويحمد، ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى، ثم يركع فيطيل وهو دون الأول، ثم يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين ثم يصلي الثانية كالأولى لكن دونها في كل ما يفعل، ثم يتشهد ويسلِّم)