قال الشوكاني: " والظاهر الوجوب إلا أن يصح الإجماع وإلا فلا صارف) أي ما ورد من الأوامر من النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بإقامة الصلاة يوم تكسف الشمس أو القمر أوامر ظاهرها الوجوب لا صارف لها إلا أن يصح الإجماع المذكور، ومعلوم ما في حكاية الإجماع من التعسر.

فعلى ذلك القول بوجوبها قول قوي، فقد قال صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيحين – من حديث المغيرة قال: (انكسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم فقال الناس: انكسفت الشمس بموت إبراهيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف) ، وفي رواية للبخاري: (حتى يتجلى) .

فظاهر الأمر هو الوجوب فيتوجه ويقوي القول بوجوب ذلك إلا أن يثبت الإجماع، وفي إثباته – كما تقدم - عسر، فإن عامة ما مع من يذكر الإجماع عدم معرفة الخلاف بين العلماء، ومعلوم أن التفريق بالتلفظ بالسنية والإيجاب قليل عند السلف الصالح، فإنهم يقولون بالسنية ويريدون بذلك – كما هو مشهور من أقوالهم – الإيجاب.

وأما التفريق فهذا في المتأخرين أكثر منه في المتقدمين، والمقصود من ذلك أن حكاية الإجماع المتقدم فيها شيء من الصعوبة، فالقول بالإيجاب قول قوي وهو الذي يقتضيه المعنى، فإن هذه حال شديدة حيث كسفت الشمس أو خسف القمر وهما ما هما من نعم الله اللذان يقوم بهما مصالح العباد في حياتهم الدنيوية، فلا شك أن عليهم أن يلجؤوا إلى الله بالدعاء والصلاة وغير ذلك لرفع ما فيهم، وقد يكون ذلك من باب العقوبة فناسب أن يقبلوا إلى الله ويلجؤوا إليه ويسألوه كشف ورفع ما هم فيه مما قد يكون عقوبة من الله عز وجل.

قال: (جماعة وفرادى)

يسن صلاة الكسوف للمنفرد في بيته، وللجماعة في المسجد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015