وقد ثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وغسَّل يوم الجمعة - وفي أبي داود: من غسل رأسه - واغتسل، وبكر وابتكر " الابتكار هو أدراك الشيء في أوله، أي أدرك الجمعة في أولها ولم يفته من الخطبة شيء - ومشى ولم يركب ودنا من الإمام ولم يلغ كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة قيامها وصيامها) الحديث إسناده صحيح وحسنه الترمذي في سننه.

وقوله " بكر وابتكر " أي بكر في الذهاب، وابتكر في الوصول.

* وقد اختلف أهل العلم في وقت التهجير أو الرواح إليها على قولين:

1- فقال الإمام مالك: وقت التبكير من زوال الشمس، وقد تقدم أن مذهب مالك أن وقت الجمعة إذا زالت الشمس إلى أن يجلس الإمام، فتكون الساعات ساعات لطيفة جداً هي شبيهة باللحظات تكون خلال هذا الوقت البسيط، فيكون الوقت من زوال الشمس إلى جلوس الخطيب.

واستدل: بلفظة (راح وهجر) فقال: الرواح يكون إذا زالت الشمس كما أن الغدو يكون قبل زوالها. قال: والتهجير هو الذهاب إذا انتصف النهار واشتد الحر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ومثل المهجر كمثل من يهدي بدنة) .

2- وقال جمهور العلماء: بل يكون ذلك من أول النهار وهو طلوع الفجر الصادق، فالساعة الأول هي التي يكون فيها أذان الفجر وما بين الأذان والإقامة وصلاة الفجر وما يكفيه للتهيؤ والرواح فهذه الساعة الأولى وبعدها الساعات الباقية.

واستدلوا: بالحديث المتقدم، فإنه قال: (ومن راح في الساعة الأولى) وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يفسر بعضه بعضاً، فقد ثبت في النسائي وأبي داود من حديث جابر بإسناد صحيح قال: (الجمعة اثنتا عشرة ساعة) الحديث وسيأتي تمامه.

وهكذا سائر الأيام وهو التوقيت الثابت الذي لا يختلف صيفاً ولا شتاءً، فقبل زوال الشمس ست ساعات وبعد زوالها ست ساعات يختلف طولاً وقصراً صيفاً وشتاءً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015