لكن عن الإمام أحمد - وقال الموفق: وهو الأشبه بأصول المذهب -: أن تكون الطهارة من الجنابة شرط في صحتها، لأن قراءة آية في الخطبة فرض، ولا تصح ولا يجزئ أن يقرأها وهو جنب، وهذا القول بناءً على أن الجنب لا يجوز له أن يقرأ القرآن وعلى القول بأن الآية فرض أن تقرأ في الخطبة.

والصحيح: في هاتين المسألتين كلتيهما أنه لا يجب أن يقرأ آية في الخطبة وأن قراءة القرآن للجنب جائزة كما تقدم ترجيحه في باب الغسل.

إذن: الصحيح ما ذهب إليه أهل القول الأول: وأن الطهارة من الجنابة ومن الحدث الأصغر ليس بشرط في الخطبة، وإن كان المستحب له ألا يفصل بين خطبته وصلاته بطهارة.

قال: (ولا أن يتولاهما من يتولى الصلاة)

هذا المشهور في المذهب، وأنه لا يشترط أن يتولى الصلاة من تولى الخطبة، فلو خطب خطيب وصلى آخر فلا بأس؛ لأن الواجب هو إقامة الخطبة والصلاة من غير شرط أن يكون ذلك من إمام واحد، وإن كان المستحب والأولى أن يتولاهما إمام واحد كما كان ذلك في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وفي عصر الخلفاء الراشدين.

لكن لو خطب خطيب وتولى الصلاة آخر فإنه لا بأس بذلك لأنه لا دليل على اشتراط أن يتولاهما واحد، لأنهما كالصلاتين المختلفتين، فكما لو جمعت الصلاتان فصلى أحدهما إمام والأخرى إمام آخر فلا بأس بذلك.

قال: (ومن سننهما أن يخطب على منبر أو موضع عال)

" أن يخطب على منبر " إجماعاً؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مشهور عنه ومن ذلك ما ثبت في البخاري عن عمر قال: (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة على المنبر يقول: " من جاء إلى الجمعة فليغتسل) .

" أو موضع عال " فلا بأس أن يخطب على موضع عال وإن كان الأولى له أن يخطب على منبر، فإن لم يجد المنبر فإنه يخطب على موضع عال لحصول المقصود به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015