ولا شك أن الموعظة هي الشرط الأساسي في الخطبة فهي المقصود الأعظم منها – وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم– كما في مسلم -: (يقرأ القرآن ويذكر الناس)
وروى أحمد عن علي أو الزبير بن العوام – والشك في الرواية – قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطبنا ويذكرنا بأيام الله حتى نعرف ذلك في وجهه) .
فكانت خطبته تذكيراً للناس بالله عز وجل، وهذا هو الذي يناسب يوم الجمعة، وهو اليوم الذي خلق فيه آدم وفيه يبعث الناس وفيه الصعقة والنفخة كما صحت بذلك الأحاديث، ولذا شرع أن يقرأ في صبيحته " بالسجدة " و " هل أتى على الإنسان "؛ لما فيهما من التذكير العظيم والاعتبار والموعظة.
فإذن: روح الخطبة الموعظة والتذكير، فكانت خطبته موعظة للناس وتعليماً لهم وتفقيهاً في قواعد الإسلام وشرائعه.
لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم – في خطبته -: كأنه منذر جيش يقول: " صبحكم ومساكم " أي: كان في غاية ما يكون من التأثير والتأثر في خطبه كالتأثير الخارج من منذر الجيش الذي يقول لهم: " صبحكم أو مساكم ".
وهي شرط في الخطبتين كلتيهما، فكل خطبة يجب أن تشتمل على التذكير بالله وبأوامره وبشرعه وبقواعد الإسلام فإن الخطبة إنما شرعت لذلك.
- وقال الأحناف وهو رواية عن الإمام مالك: الشرط فيها ذكر الله فقط، فإذا ذكر الله ولو قال: " سبحان الله " ونحو ذلك صحت.
لكن هذا ضعيف، لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يبين مجمل القرآن ويوضحه فإن الله قد أمر بذكره وذكره ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من خطبتين مشتملتين على التذكير والمواعظ.
فإذن: الخطبة المجزئة هي الخطبة المشتملة على المواعظ والتعليم والتفقيه في الخطبتين كلتيهما، ولا يشترط فيهما على الصحيح الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا قراءة آية من القرآن وإن كان المستحب هو ذلك – أي الصلاة وقراءة القرآن - ولا يشترط فيهما الحمد والثناء وإن كان مستحباً.