فإذا دخل بغير نية الظهر فإنه يبطلها ويستأنفها ظهراً، فلو كبر مع الإمام بنية الجمعة فتبين أن الإمام قد ركع الركوع الثاني وقد فاتته الركعتان فحينئذٍ يستأنفها ظهراً، لأنه قد نواها جمعة، وإنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى والجمعة صلاة مستقلة.
والحمد لله رب العالمين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ويشترط تقدم خطبتين)
أي ويشترط في صحة صلاة الجمعة تقدم خطبتين، فمن شروط صلاة الجمعة أن تتقدمها خطبتان؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا باتفاق العلماء، وأن الخطبة شرط في الجمعة.
ودليل ذلك: أن الله أمر بقوله: {فاسعوا إلى ذكر الله} وهذا أمر من الله يوجب السعي إلى ذكره، وذكره يوم الجمعة في الخطبة وصلاتها، وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله، كما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس) ، وفي صحيح مسلم عن جابر قال: (كان للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الله) .
فهذه الأحاديث التي فيها فعله الراتب الذي قد داوم عليه - عليه الصلاة والسلام - هو بيان لمجمل قوله تعالى: {فاسعوا إلى ذكر الله} فكانت الخطبتان يوم الجمعة قبل صلاتها فرضاً من فروضها، فلا تصح الجمعة إلا بذلك – كما هو مذهب جماهير العلماء -.
قال: (ومن شروط صحتها (?) حمدُ الله تعالى)
أي من شروط الخطبة، فالخطبة لها شروط لا تصح إلا بها.
فهذه أركان الخطبة التي لا تصح الخطبة إلا بها، وهذه الأركان أو الشروط التي يذكرها المؤلف في الخطبتين كلتيهما الأولى والثانية.
وقال الحنابلة – في المشهور عندهم -: أن الخطبتين تقومان مقام الركعتين من صلاة الظهر، وهذا على أن الظهر هي الأصل وهي تمام، وأن الجمعة بالنسبة إليها ظهر مقصورة في يوم الجمعة، وهذا خلاف الراجح.