قال الحنابلة: يجوز ذلك. واستدلوا: بما رواه أبو داود من حديث عبد الله بن أنيس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بعثه إلى قتل خالد بن سفيان الهذلي فأدركه وعلم أنه إذا مكث للصلاة أنه يفوته فصلى ماشياً يومئ بصلاته حتى أدركه فقتله) وهو وجه عن الشافعية.
والوجه الثاني – عند الشافعية – وهو الأصح عندهم: أن ذلك لا يجوز، وهو مذهب جمهور العلماء.
قالوا: لأنه محصل لا خائف، والصلاة إنما شرعت عند الخوف، وهذا في الحقيقة ليس بخائف لكنه محصل لأمر.
قالوا: والجواب - لم أره لهم لكن هذا مقتضى قولهم، الجواب - على الحديث المتقدم فهو ضعيف؛ لأن فيه محمد بن إسحاق وقد عنعن وهو مدلس.
والراجح مذهب الشافعية وهو مذهب الجمهور: وأنه لا يجوز ذلك لضعف الحديث الوارد، ولأنه محصل لا خائف والصلاة إنما شرعت عند الخوف.
لكن يستثنى من ذلك – كما استثنى الشافعية – ما إن ترك متابعته أن يعود إليه العدو فيدركه ويكون منقطعاً عن أصحابه فيخشى على نفسه فيكون حينئذ بحكم الخائفين.
الخامسة: قال الحنابلة: إذا كان ذاهباً إلى عرفة وخشي أنه إن وقف وصلى أن يفوته الوقوف فيها، بحيث أنه لا يمكنه أن يدرك إلا الشيء اليسير من ليلتها، فخشي أن يفوته الوقوف بعرفة، فيجوز له أن يصلي صلاة الخائف، وهو هنا محصل كما تقدم فهي مقيسة على المسألة السابقة.
وهذا اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وهو وجه عند الشافعية.
والوجه الثاني، وهو المصحح عندهم: أن ذلك لا يجوز؛ لأنه محصل لا خائف، والصلاة فرض على الهيئة المشروعة لا يستثنى من ذلك إلا ما ورد في النصوص، ومثل هذا لم يرد في النصوص الشرعية.
وهذا أظهر وأنه لا يجوز ذلك؛ لأنه لا دليل على الاستثناء.
أما مسألة الجمع فنعم لكنه غير وارد في صلاة الفجر، فليست المسألة جمعاً ليقبل بذلك.
والحمد لله رب العالمين.