والأظهر القول الأول؛ لما تقدم من أن الرخص العامة إذا ثبتت في حق عموم المكلفين فإنها تشمل كل مكلف وإن كان في شخصه قد انتفت منه العلة التي من أجلها شرع الحكم، كما في السلم والسفر ونحوه، وهو مذهب الحنابلة في المشهور عندهم.

قال: (والأفضل فعل الأرفق به من تقديم أو تأخير)

فالأفضل فعل الأرفق به من تقديم أو تأخير، وهو اختيار شيخ الإسلام.

وهو ظاهر فإن الجمع إنما شرع لنفي الحرج، وفي كونه يفعل الأرفق به تمام لرفع الحرج.

وكوننا نحدد له شيئاً من الاثنين فإن في ذلك ما ينافي تمام توسع الأمر ورفع الحرج فيه، فكان الأولى أن يقال: افعل الأرفق بك؛ لأن الحكم شرع لرفع الحرج عنه، فمتى كان الحرج رفعه أتم وأظهر فإن هذا الأفضل في حقه.

وهذا ما دلت عليه السنة في الحديث المتفق عليه المتقدم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس استمر حتى يأتي وقت الصلاة الثانية ثم ينزل فيصلي الظهر والعصر تأخيراً) ؛ لأن للمكلف أن ينزل في الصلاة الأخرى، كما إنه إذا أراد أن يسافر وقد زاغت الشمس فإن الأرفق فيه أن يصلي الصلاتين ثم يرتحل وهكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل.

مسألة:

اختار شيخ الإسلام وهو مذهب ابن سيرين وابن المنذر: أن الجمع جائز مطلقاً عند الحاجة إليه من غير أن يتخذ ذلك سنة وعادة. فمتى احتاج إليه ولو كان ذلك لمصلحة دينية كاجتماع ناس لخطبة أو لأمر ما جاز ذلك من غير أن يتخذ ذلك سنة وعادة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015