كأن يصاب رجل بسهر فيغلبه النعاس فيؤذن الفجر وهو مصاب بالسهر الشديد وقد غلبه النعاس، فخشي إن انتظر الإمام أن يشق عليه، فحينئذ يجوز له أن يصلي قبل إقامة الصلاة؛ لأنه معذور بغلبة النعاس الذي هو أشق من تطويل الإمام، وقد تقدم في قصة معاذ المتفق عليها أن تطويل الإمام عذر في ترك الجمعة والجماعة والصلاة منفرداً.

قال: (أو أذى بمطر أو وَحَل) .

الوَحَل: بفتح الحاء وهي اللغة الفصيحة، وأما بتسكينها (الوَحْل) فهي لغة ضعيفة.

فإذا كان هناك أذى بمطر أو وحل فله أن يترك الجمعة والجماعة.

ودليله: ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس أنه: (أمر مؤذنه في يوم مطير إذا قال: (أشهد ألا أله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله) قال له: (لا تقل حي على الصلاة) وقل: (صلوا في بيوتكم) فكأن الناس استنكروا ذلك فقال: " أتعجبون من ذا، فإنه قد فعله من هو خير مني، إن الجمعة عَزْمَة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض) والدَحْض هو الطين الزلق.

فهذا يدل على أن اليوم المطير أو الليلة المطيرة التي يكون فيها دحض ووحل يجوز أن يترك الجمعة والجماعة.

بل ولو كان المطر يبل الثياب حيث كان به أذى فيجوز فيه ترك الجمعة والجماعة، وقد ثبت في أبي داود بإسناد صحيح عن أبي المليح عن أبيه: (أنه شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية في يوم مطير لم يبتل أسفل نعالهم فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلون في رحالهم) .

فهذا يدل على أنه متى كان مطر يثبت به الأذى أو شيء من الحرج أو كان هناك طين أو دحض فإن ترك الجمعة والجماعة جائز لرفع الحرج عن الأمة.

قال: (وبريح باردة شديدة في ليلة مظلمة)

أي لفظة (مظلمة) فلم يذكرها بعض الحنابلة، والظاهر هو تركها؛ لأن الحديث الوارد في هذه المسألة المستدل به ليس فيه ذكر أنها مظلمة، وكذلك لفظة (شديدة) ليست شرطاً عندهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015