واستدلوا بما ثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد قال: (صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد إلى المنبر، فلما فرغ من صلاته قال: (أيها الناس إني صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي) .

قالوا: والظاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان رقيه على الدرجة الأولى وذلك نحو ذراع قالوا: فهذا العلو اليسير لا يكره.

- وقال بعض الحنابلة: بل يكون ذلك إلى قامة المأموم أي إلى ارتفاعهم، لأن ذلك يحوجهم إلى رفع البصر المنهي عنه للإقتداء بالإمام، فالمأموم يحتاج أحياناً إلى النظر إلى الإمام للإقتداء به.

وما ذكروه - أهل القول الأول والقول الثاني – فيه نظر، والأظهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما رقي على المنبر كما يرقى عليه إذا خطب، وذلك أن يكون رقيه ثلاث درجات كما كان يفعل ذلك في خطبته.

لكن الحديث يحمل على الراجح – كما حملها الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه وهي غير مشهورة وهو مذهب الشافعية يحمل - على استثناء ذلك للتعليم.

فيكون لا بأس به للتعليم، ومثل ذلك عامة المواضع التي يحتاج الإمام فيها أن يكون مرتفعاً كأن يضيق المسجد وتكون مقدمته ضيقة فلا بأس بذلك.

فالمشهور عند الشافعية حمل هذا الحديث على جواز الارتفاع من الإمام عن المأمومين بلا كراهية حيث كان للتعليم ونحوه، وهو الراجح وهو رواية عن أحمد.

أما ما ذكره الحنابلة من أن ذلك علواً يسيراً وهو نحو ذراع فإن ذلك فيه نظر، وكون ذلك للإقتداء موضع نظر فإن الاقتداء يتم بسماع التكبير ونحوه.

فعلى ذلك الأظهر مذهب الشافعية من كراهية العلو للإمام مطلقاً إلا أن يحتاج فعل ذلك للتعليم.

أما الحنابلة فمذهبهم أنه يكره مطلقاً للتعليم وغيره، لكن استثنوا من ذلك ما إذا كان دون الذراع أي الارتفاع اليسير، والأظهر الأول.

قال: (كإمامته في الطاق)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015