وقال بعض الحنابلة وهو اختيار الموفق ابن قدامة وهو مذهب الجمهور: يصح الاقتداء لإمكانه، وكون هذا الفاصل بينهما – الذي هو ليس محلاً للصلاة – كونه موجوداً مع كونه لا يمنع الاقتداء، هذا لا يؤثر، فلا يمنع من الاقتداء، وكونه ليس محلاً للصلاة هذا لا يؤثر في الاقتداء.

فكون الموضع لا يصلى فيه لا يعني أنه لا يجوز أن يكون فاصلاً بين الإمام وبين المأمومين، فهذه مسألة الصلاة، وهذه مسألة الاقتداء. وهذا هو القول الراجح.

فلو فصل بين المأمومين بعضهم عن بعض نهر أو طريق – كأن يصلي الناس في محل بينهم وبين المسجد الجامع طريق، وهذا الطرق لا يمكن أن يشغل بالمصلين لكونه طريقاً لمرور الناس فلا تتم المصلحة إلا بتركه مفتوحاً، فلو قدر مثل هذا فالراجح صحة الاقتداء مع إمكانه.

استدراك:

تقدم وجوب اتصال الصفوف فما هو ضابط ذلك؟

للحنابلة ثلاثة أقوال فيه:

منهم من قال: أن يكون بين كل صف وصف ثلاثة أذرع، وهذا هو الذي يكفي للمصلي في ركوعه وسجوده.

وقال بعضهم: ألا يكون بينهما ما يصح أن يكون صفاً، وذلك ما يقارب ستة أذرع أو خمسة.

وقال الموفق ابن قدامه: ألا يكون بينهما بعدٌ لم يجر العرف به.

والقول الثاني: لا دليل عليه، فكونه يكون بينهما خمسة أذرع أو أربعة أذرع هذا يخالف الشرع.

وأما الثالث: وهو كونه راجعاً إلى العرف، هذه المسألة لا ضابط لها، فهذه مسألة شرعية قد حددها الشارع فلا ينبغي الرجوع فيها إلى العرف.

فكان أولاها بالصواب القول الأول: وأنه ثلاثة أذرع، لكن يخفف فيما لو كان نحوه كأربعة أذرع أو نحوها وإن كان خلاف السنة لكن مثله لا يؤثر، كما أن الصفوف تصح مع عدم وجود المراصة في الأكعب والمناكب ويتجاوز عن الشيء اليسير فيها، فكذلك هنا.

فالتحديد ينبغي أن يكون بثلاثة أذرع ونحوها وهو قول طائفة من الحنابلة.

والحمد لله رب العالمين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015