- وذهب بعض العلماء من الحنابلة: إلى أن الصلاة تبطل أيضاً مع التعمد، وهو قول قوي، لأن الشارع قد أمره بفعل الركن بعد إمامه وعقيبه كما في الحديث المتقدم: (فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر) ففيه أمر المصلي أن يكون ركوعه وسجوده عقيب فعل إمامه وذلك متضمن للنهي عن أن يكون ذلك مع إمامه، وحيث فعل ذلك فيكون مخالفاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - تاركاً لهديه فتبطل به الصلاة ويكون الركن واقعاً غير مشروع. وهذا هو الأظهر وأنه إن فعل ذلك متعمداً فتبطل الصلاة، أما ناسياً أو جاهلاً فتصبح الصلاة للعذر.
فالصحيح أنه مبطل لها؛ لأن الشارع أمر بالمتابعة وأوجبها، والمقارنة ترك للمتابعة فهي ترك لما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكل أمر على غير هديه وسنته مما يفعل تعبداً فهو مردود على صاحبه فكان ذلك باطلاً غير صحيح. هذا الأظهر.
فإن قيل: ما هو أصل الحنابلة في أنه يعود إلى إمامه؟
فالجواب: ما رواه البخاري في صحيحه معلقاً عن ابن مسعود قال: (لا تبادروا أئمتكم بالركوع ولا بالسجود فمن رفع قبل إمامه فليسجد ثم ليمكث قدر ما سبقه به) ولا يعلم له مخالف.
لكن هذا الأثر ليس ظاهراً في أن ذلك في ما كان على وجه التعمد بل يحتمل أن يكون ذلك على وجه السهو والجهل.
فعلى ذلك: يبقى القول بأن من سها أو جهل فإنه يعود إلى إمامه فيأتي بالركن بعده؛ لأن ما فعله فقد فعله في غير موضعه ولا أثر له لأنه في غير موضعه.
* عندما يكون الإمام قد أسرع في فعل شيء من الأركان كالفاتحة فهل يتمه المأموم ثم يتابعه أم يدع الركن الذي هو فيه متابعاً لإمامه؟
الظاهر أنه يفارقه لكن ليس مطلقاً بل نوع مفارقة بقدرها لضرورة تعذر، فإذا جازت المفارقة لعذر عن الصلاة كلها، فأولى من ذلك – أن يجوز للعذر – المفارقة في بعض أركانها. هذا ما استظهره شيخنا.
مسألة: