وعلى القول بأنها في الصلاة كما هو مذهب عامة المفسرين فإنها عامة في قراءة الفاتحة وغيرها، وحديث عبادة خاص فالحديث يخصصها.

أما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وإذا قرأ فأنصتوا) فهذه اللفظة قد قال البيهقي (أجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة) وذلك لتفرد سليمان التيمي عن قتادة بها، وعامة أصحاب قتادة – كهمام وهشام الدستوائي وحماد بن سملة وغيرهم - لم يذكروا هذه اللفظة في حديثه، وممن أعلها البخاري وأبو داود وأبو حاتم وغيرهم. وعلى القول بتصحيحها فالجواب عنها: أنها عامة وحديث عبادة خاص.

وأما حديث أبي هريرة الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فإني أقول ما لي أنازع القرآن) فكذلك حديث عام وحديث عبادة خاص فيخصص بالعموم.

وفي حديث عبادة التصريح بالتخصيص، ففي رواية لأبي داود عن عبادة: (مالي أنازع القرآن فلا تقرؤوا بشيء إلا بأم القرآن) .

وأما قوله: (فانتهى الناس عن القراءة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -) فإنه ليس من قول أبي هريرة فيكون له حكم الرفع، بل هو من قول الزهري كما بين ذلك أبو داود في روايته، ونص على ذلك الإمام البخاري وأبو داود وأن هذه اللفظة من قول الزهري.

ومما يقوي ما تقدم من التخصيص بحديث عبادة أن هذا هو مذهب أبي هريرة راوي هذا الحديث، فقد تقدم أنه قال: (اقرأ بها في نفسك) فهذا قوله.

وأما حديث: (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة) فالحديث لا يصح، بل اتفق الحفاظ على تضعيفه، قال البخاري: (لا يثبت هذا الحديث عند أهل العلم من أهل العراق وأهل الحجاز وغيرهم لإرساله وانقطاعه) .

فتبين من ذلك القول بفرضيتها كما هو مذهب الشافعية ورواية عن أحمد.

فما استدلوا به إما حديث ضعيف وإما حديث عام وحديث عبادة خاص فيخصص به العموم، على أنه سيأتي بيان لما يكون مخرجاً للإنصات والاستماع لقراءة الإمام في مسألة السكتة بعد قراءة الفاتحة من الإمام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015