ولفظ حديث ابن عمر: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) قالوا: فهذه صلاة جماعة وتلك صلاة فردية وصلاة الجماعة أفضل وهذا الحديث عام في فضليتها مطلقاً.
قالوا: وروى البخاري في صحيحه معلقاً ووصله البيهقي وأبو يعلى الموصلي بإسناد صحيح: أن أنس بن مالك: (أتى إلى مسجد قد صلى فيه فأذن وأقام ثم صلى جماعة) ، وفي البيهقي " في عشرين من فتيانه "، وهو أثر صحيح عن أنس بن مالك.
واستدل الجمهور أيضاً بأثر رواه الطبراني في الأوسط والكبير بإسناد جيد: (أن ابن مسعود أقبل ومعه الأسود وعلقمة إلى المسجد فاستقبلهم الناس وهم خارجون من المسجد فرجع إلى بيته وجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله) أي فصلى بهم.
قالوا: وهذا يدل على أنه لا يشرع أن يصلي في المسجد جماعة، إذا لو كانت مشروعة لصلى ابن مسعود بمن معه في المسجد. ومع ذلك فقد ذكر الحنابلة ولم أره معزواً عندهم في قولهم هذا أنه قول ابن مسعود.
ولا يبعد هذا، فإن ما ذكره الجمهور من أثر ابن مسعود ليس صريحاً في هذه المسألة، فإن ابن مسعود أتى ومعه صاحباه وقد صلي في المسجد فرجع فصلى في بيته، ولا مانع أن يكون ابن مسعود امتنع عن الصلاة جماعة في المسجد خشية الفتنة، إما أن يكون هناك سلطان فيخشى الفتنة وأنه تقصد التأخر عن الصلاة فيه.
ويحتمل أنه يرى أن حينئذ لا فرق بين الصلاة في المسجد والصلاة في البيت، فصلى بهم جماعة ولم يقصد المسجد لأنه لا فرق بينهما، فليس صريحاً عن ابن مسعود، بخلاف أثر أنس بن مالك فإنه صريح في ذلك.
وأما ما ذكروه من حديث أبي بكرة، ففيه الوليد بن مسلم وهو مدلس وقد عنعنه، وفيه علة أخرى وهو أنه من رواية معاوية بن يحيى وهو مختلف فيه توثيقاً وتضعيفاً، وله مناكير وقد ذكر ابن عدي والذهبي هذا الحديث من مناكيره.