واستدلوا بما رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم والدارقطني وغيرهم والحديث ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) .
والحديث صحيح مرفوعاً وموقوفاً إلى ابن عباس. وثبت موقوفاً إلى أبي موسى في سنن البيهقي بإسناد صحيح.
قالوا: فهذا الحديث فيه نفي الصلاة والأصل في النفي نفي الذات ثم نفي الصحة ثم نفي الكمال فلما امتنع نفي الذات لأن الصلاة قد توجد من بعض المكلفين بقي نفي الصحة مقدماً على نفي الكمال، أي لا صلاة صحيحة فهي صلاة باطلة.
والراجح: ليست بشرط بدليل إثبات الفضل في صلاة الفذ، فإن صلاة الفذ فيها فضل، فثبوت الفضل فيها يدل على صحتها ومن هنا وجب أن ينصرف إلى الاحتمال الثالث في تفسير الحديث المتقدم، وهو أن يكون المعنى لا صلاة كاملة فلا صلاة كاملة لمن سمع النداء فلم يجب.
إلا أن كان معذوراً فصلاته كاملة وله الأجر واف لحديث: (أن العبد إذا مرض أو سافر كتب له ما كان يعمله صحيحاً مقيماً) رواه البخاري.
وهل يجب أن تصلى الجماعة في المسجد أم له أن يصليها في بيته؟
روايتان عن الإمام أحمد:
الرواية الأولى، وهي الرواية المشهورة: أن له أن يصليها في بيته، فإذا صلى في البيت جماعة فلا إثم والصلاة صحيحة.
واستدلوا: بما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره) .
قالوا: فهذا يدل على أن أي بقعة صلى فيها العبد فصلاته مقبولة سواء كانت المساجد أو غيرها.
والرواية الثانية، وهي اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم: وجوب صلاة الجماعة في المساجد.
وهذا القول الراجح، لما تقدم من الأحاديث من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أتسمع النداء؟ قال: نعم قال: فأجب) والنداء إنما يكون في الأصل في المساجد.