هل يسوغ للمعتكف أن ينظر في كتب البدع ولو كان بقصد الرد عليها؟ لا، هل يسوغ للمعتكف أن ينظر في علوم الآلة ولو كان مما يحتاجها لفهم الكتاب والسنة؟ يقرأ نحو وهو معتكف مثلاً، أو أصول فقه وغيره، نقول: لا، أصل الاعتكاف للعبادات الخاصة، قد يحتاجه في تلاوته وتدبره للقرآن فهم بعض معاني الآيات فيرجع إلى بعض التفاسير الميسرة التي لا تبعده كثيراً عن روح القرآن؛ لأن بعض التفاسير المطولة تبعد به طويلاً عن روح القرآن، وخصوصيته لا سيما في هذا الوقت، نعم، قد يحتاج لفهم الآية والربط بينها وبين غيرها لتفسير ميسر لا بأس، هذا مما يعينه على فهم القرآن، والشهر شهر القرآن، ولذا كان السلف يتركون التعليم في رمضان، والإمام مالك معروف إذا دخل رمضان ترك التحديث، وأقبل على كتاب الله - سبحانه وتعالى-، السلف لهم معاملة خاصة في القرآن، فمنهم من يقرأ القرآن طول العام في سبع، فإذا جاء رمضان قرأه في ثلاث، فإذا دخلت العشر ختم كل ليلة، وقصصهم وأخبارهم مع كتاب الله - سبحانه وتعالى- مستفيضة مشهورة من الصحابة والتابعين فمن دونهم، واغتنام الأوقات، واغتنام الأماكن الفاضلة هذا مما ينبغي أن يكون نصب عيني طالب العلم، فلا تضيع عليه مثل هذه الفرص وهذه المواسم سدى، فعليه أن يغتنمها، قد يقول قائل: إذا أكثرت من قراءة القرآن، أنا لا أتدبر، أنا لا؟ نقول: عليك أن تتدبر فإن أمكن أن تقرأ أكبر قدر ممكن لتحصيل ثواب الحروف، الثواب المرتب على الحروف، يعني: كل حرف له عشر حسنات، مع التدبر، أو شيء من التدبر، الجمع بينهما طيب، لكن إن لم يمكن فالتدبر أفضل، وأهل العلم يختلفون في مثل هذا، الشافعي - رحمه الله تعالى- يرى: أن كثرة الحروف ولو كان من غير تدبر أفضل، وغيره على العكس، والمسألة مفترضة في شخص يقرأ في الساعة خمسة أجزاء من غير تدبر، أو جزأين مع التدبر أيهما أفضل؟ الخمسة أو الجزأين؟ الجمهور على أن الجزأين مع التدبر أفضل، والشافعي: يرى أن الخمسة أفضل ولو كانت بغير تدبر، لتحصيل أجر الحروف، وليس الخلاف مفترض في مثل من يقرأ جزء من القرآن بغير تدبر أو جزء من غير تدبر، هذا لا يختلف فيه، هذا ليس فيه خلاف بين أهل العلم أن التدبر أفضل، لكن