وقد أخبر أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأن أوتار العشر آكد أرجى من غيرها، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في الوتر)) وقال: ((من كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر)) وغير ذلك من النصوص التي تدل على أن هذه الليلة متنقلة في العشر، وليست في ليلة معينة تكون فيها دائماً، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون في ليلة خمس وعشرين، وقد تكون في ليلة سبع وعشرين، وقد تكون في تسع وعشرين، وقد تكون في الأشفاع، وقد تكون في الأشفاع، نعم الأوتار آكد، لكن قد تكون في الأشفاع، لأنه لما قال -عليه الصلاة والسلام-: ((التمسوها لخامسة تبقى، لسابعة تبقى)) إلى آخره، يحتمل أن تكون في الأشفاع إذا كان الشهر كاملاً، ويحتمل أن تكون في الأوتار إذا كان الشهر ناقصاً، فمن قام ليالي العشر كلها إيماناً واحتساباً أدرك هذه الليلة بلا شك، وفاز بما وعد الله أهلها، ليحرص أن يقوم هذه الليالي كلها، وأن يحضر قلبه، لا يحضر بجسده وقلبه في أمور الدنيا، هذا لا يفيده مثل هذا القيام؛ لأنه ليس له من صلاته إلا ما عقل، فمن عقل من الصلاة العشر مثلاً، أو - نسأل الله العافية - طرأ عليه شيء من الرياء فأحبط عمله، هذه مصيبة، يتعب الإنسان وأخيراً يرجع بلا فائدة.
فمن قام ليالي العشر كلها إيماناً, احتساباً أدرك هذه الليلة بلا شك وفاز بما وعد الله أهلها، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يخص هذه الليالي بمزيد اجتهاد لا يفعله في العشرين الأول.
قالت عائشة - رضي الله عنها-: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها"، وقالت: " كان إذا دخلت العشر أحيا ليله وأيقظ أهله، وجد وشد مئزره"، إلى غير ذلك من النصوص.
هل يلزم العلم بليلة القدر؟ أو يحصل الأجر ولو لم يعلم بذلك؟ إذا صادفها ولو لم يعلم بها يثبت له أجرها أو لا بد من العلم بها؟