فعلى ما ذكرنا، وما ذكره الإمام البخاري عن أبي هريرة وابن عباس يكون الإطعام مأثور عن هذين الصحابيين، وهو لم يذكر في كتاب الله ولم يصح فيه شيء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أطعم لا شك أنه أحوط، من أطعم فهو أحوط، وفيه حديث مرفوع خرجه الدارقطني والبيهقي، لكنه ضعيف جداً، وهذا في حق من أخر من غير عذر إن كان تأخيره إلى رمضان الآخر لمرض يرجو زواله، واستمر معه المرض إلى رمضان الثاني فإنه يكفيه القضاء؛ لأنه معذور، ولا كفارة عليه حينئذ ٍ بخلاف ما إذا أخر ذلك تساهلاً، وتفريطاً، ولا يلزم التتابع في القضاء، كما قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "لا بأس أن يفرق" نقلاً عن ابن عباس، لا بأس أن يفرق يعني القضاء لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فعلى هذا لا يلزم التتابع في القضاء، بل لو قضى ما عليه من أيام متفرقة صح ذلك وأجزأ؛ لأن الله - سبحانه وتعالى- قال: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [سورة البقرة: 184] ولم يقل: متتابعة، هنا يقول: ويستحب القضاء متتابعاً، استحباب التتابع؛ لأن الأصل أن القضاء يحكي الأداء، والأداء متتابع إذ اً فالقضاء حكمه حكمه، وإن لم يكن على سبيل الوجوب والإلزام، لكن في أصل المشروعية، يحكيه في أصل المشروعية، ولأنه أيضاً أسرع في إبراء الذمة، ولا يجوز تأخيره إلى ....