الشيخ -رحمه الله- الشيخ عبد العزيز- رحمة الله عليه- يرى أن الحجامة تفطر الصائم على الصحيح من قولي العلماء وحديث شداد بن أوس مصحح من قبل جمع من أهل العلم، وفي التصحيح بأنه يفطر، لكن إذا حمل على أنه مظنة على أن الحجامة سواءً كانت من الفاعل أو المفعول به مظنة للفطر، هذاك يؤول أمره المحجوم يؤول أمره إلى الفطر؛ لأنه يضعف، ثم يفطر، والحاجم قد يصل إلى جوفه شيء من دم الحجامة فيفطر، فهي مظنة للفطر فجعلت مكان فوضعت موضع المئنة، حكمها كالنوم، نعم، كالنوم بالنسبة للوضوء، النوم ليس بناقض بذاته، لكنه مظنة للنقض.
أوضح شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى - الحكمة من ذلك فخلاصته أن المحجوم يضعف، فيؤول أمره إلى الفطر، والحاجم يصل إلى جوفه بسبب مص القارورة شيء من الدم فيفطر، وعلى كل حال فالخلاف في الحجامة قوي؛ لأن الحديثين ثابتان، سواءً كان حديث ابن عباس الذي فيه أن النبي -عليه الصلاة والسلام-أفطر وهو صائم، وحديث شداد ابن أوس الذي فيه: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) أيضاً ثابت عند جمع من أهل العلم، وإن كان حديث ابن عباس أقوى، وعند المعارضة يرجح عليه حديث ابن عباس، لكن مع صحة حديث شداد وثبوته فالأحوط للإنسان أن لا يحتجم وهو صائم، بل يحتجم في الليل إن احتاج إلى ذلك.
وذكر البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما - أنه كان يحتجم وهو صائم، ثم تركه، فكان يحتجم بالليل واحتجم أبو موسى ليلاً.
وأبعد من زعم أن سبب حديث شداد بن أوس: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) من أجل أنهما كانا يغتابان الناس، قال ابن خزيمة: "جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه -صلى الله عليه وسلم- إنما قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأنهما كانا يغتابان، قال: فإذا قيل: فالغيبة تفطر الصائم؟ قال: لا" يعني يقول: الحاجم والمحجوم يفطران، لماذا؟ لأنهما كانا يغتابان الناس، طيب الغيبة تفطر؟ يقول: لا، إذا كان الأصل لا يفطر فكيف بالفرع؟!
وهذا من أدب المناظرة أن لا تحتج على أحد بشيء، لا يذعن لك بأصله، تثبت له شيء بقياس فرع على أصل وهو لا يعترف بالأصل فتقع في مثل هذا، نعم.