هذا سبب, والأسباب قد تتخلف مسبباتها, كما أنه قد يوجد معارض أقوى منها, إذا أراد أن يأتي أهله وسمى وجاء بالذكر المشروع سبب أيضاً, لكن قد يسمي ويأتي بالأذكار المشروعة في هذا الموضع ولا يسلم؛ لوجود معارض يضعف هذا السبب؛ لأنه معروف عمل الأسباب بالمسببات, وتأثير الأسباب في المسببات, والمؤثر الأول والأخير هو الله -سبحانه وتعالى-, الذي جعل التأثير لهذه الأسباب, فلا الأسباب تستقل, وليست معدومة النفع بالكلية, ولذا يقول بعض أهل العلم: إن إهدار الأسباب نقص في العقل, ترك الأسباب والزعم بأنها لا تنفع بالكلية نقص في العقل, يعني لو تروش واحد بثيابه بالمربعانية وطلع, كونه يتدفأ ويتنشف ويلبس ثيابه هذا سبب يقيه من البرد, لكن يقول: الأسباب ما لها قيمة, المسبب هو الله، والمؤثر هو الله, هو النافع والضار والأسباب ما لها قيمة, يقال: عاقل وإلا مجنون؟ مجنون, فلا شك أن الله -سبحانه وتعالى- جعل في الأسباب تأثير لكنها لا تستقل بهذا التأثير كما يقول المعتزلة, على كل حال نعود إلى مسألتنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "تسن العقيقة" فالعقيقة سنة مؤكدة في قول جمهور العلماء, وقال الظاهرية بوجوبها, وبه قال الحسن ورواية عن أحمد, اختارها جمع من أصحابه, وقال الحنفية: لا تسن العقيقة, بل هي مباحة, استدل الجمهور بحديث سمرة تقدم, عن سلمان بن عامر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى)) رواه البخاري, وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم عن الغلام شاتان, وعن الجارية شاة، رواه أحمد والترمذي وصححه، وهذه الأدلة: ((كل غلام مرتهن)) ((مع الغلام عقيقة فأهريقوا)) وافعلوا .. ، أمرهم عن الغلام هي أدلة الظاهرية القائلين بالوجوب, وهي أدلة الجمهور القائلين بالاستحباب المؤكد, الأصل في الأمر الوجوب بلا شك, لكن صرف هذه الأوامر من الوجوب إلى الاستحباب, مثل حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً: ((من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل، عن الغلام شاتان متكافئتان، وعن الجارية شاة)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي, وهو حديث حسن.