إشارة إلى أن الحديث حديث لقيط لم يثبت على شرطه -رحمه الله-، فأمرنا بالاستنشاق من غير تفريق بين حال الصيام وبين حال الإفطار، لكن حديث لقيط بن صبرة ما دام صالح للاحتجاج يقضي على مثل هذا العموم، ويخص بصائم، وقال الحسن: لا بأس بالسعوط للصائم إن لم يصل إلى حلقه، بهذا القيد، فيكون السعوط للصائم مع عدم الوصول إلى الحلق مثل الاستنشاق من غير مبالغة، لا بأس به، ويكتحل.
ولعل مراد الحسن -رحمه الله- أن لا يبالغ في الاستعاط؛ لأنه قيد الجواز بعدم وصوله إلى حلقه، ويدخل في كلامه استعاط ما لا جرم له، بل مجرد رائحة مثلاً، مجرد رائحة، يعني للصائم أن يتطيب ويتبخر، لكن لا يترك الدخان يصل إلى جوفه؛ لأنه له جرم.
أو اكتحل بما يصل إلى حلقه، على ما سيأتي في الكحل، وأما السواك نتابع الآن كلام البخاري -رحمه الله- متواصل، السواك مشروع للصائم في كل وقت، وإن قال: إ نه يكره السواك للصائم بعد الزوال، عندهم في المذهب كراهية السواك يعني كالشافعية الاستياك بعد الزوال لصائم مكروه عندهم؛ لأنه يزيل الرائحة التي هي أطيب عند الله من ريح المسك، لكن الصواب أن السواك مشروع للصائم في كل وقت، لعموم الأدلة، ((عند كل صلاة)) ((عند كل وضوء)) ويدخل في ذلك ما بعد الزوال كما أنه يدخل ما قبل الزوال.
يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى -: باب السواك الرطب واليابس للصائم:
ويذكر عن عامر بن ربيعة قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يستاك وهو صائم ما لا أحصي ولا أعد.
يذكر عن عامر بن ربيعة، هذا تعليق بصيغة التمريض، والتعليق عند البخاري إما أن يصدر بصيغة الجزم قال فلان أو ذكر فلان، وإما أن يصدر بصيغة التمريض كما هنا، يذكر عن عامر بن ربيعة، وهذه الصيغة بمجردها لا تدل على ضعف، فقد علق أحاديث بصيغة التمريض وهي صحيحة.
قال: " رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يستاك وهو صائم ما لا أحصي ولا أعد " وقال أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء)) يرد بهذا -رحمه الله- على من يفرق ويمنع الصائم من الاستياك بعد الزوال.