قال: ويمكن أن يوجه كلام ابن عباس -رضي الله عنهما- بأن الله -سبحانه وتعالى- جعل الفدية عدلاً للصوم، الآن كل مسلم مكلف ثابت العقل، إما أن يصوم، وإما أن يفطر، ولا ثالث لهما، في خيار ثالث؟ نعم، ما في خيار ثالث، فلما لزم من يطيق ويستطيع الصيام الصوم ولا خيار له ثاني جعلت الفدية هذه وجهة نظر ابن عباس لمن لا يطيق، فما دام الشخص لا يطيق الصيام نعم، يؤمر بالعدل، عدل الصيام وهو الفدية؛ لأن عندنا خيارين، الصيام أو العدل الذي هو الفدية، في خيار ثالث؟ ما في خيار ثالث، إما أن تصوم أو تفدي، الآن الذي يستطيع الصيام ويطيق الصيام، يستطيع الصيام هل يجوز له أن يفتدي؟ نسخ هذا، لا يجوز له أن يفتدي، بقي الذي لا يطيق، هل نقول: يلزمه الصيام؟ لا يلزمه الصيام؛ لأنه لا يطيقه، تكليفه من باب تكليف ما لا يطاق، إذن بقي له، هل يعفى من كل شيء الذي لا يطيق؟ أو نقول: تلزمه الفدية، وهو العدل، عدل الصيام؟ وُجِّه كلام ابن عباس -رضي الله عنهما- بهذا، لا، يمكن أن يوجه كلام ابن عباس بأن الله -سبحانه وتعالى- جعل الفدية عدلاً للصوم لمن قدر، فإذا لم يقدر بقي عدله، وهو الفدية، لا سيما مع دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام- لابن عباس أن يعلمه التأويل، ولا يمكن أن يخفى عليه مثل هذا، ما يمكن أن يخفى عليه أن الذين يطيقونه هم العاجزون، نعم، ولا يمكن أن يوجه الكلام للعاجز بقوله تعالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ}.
كيفية الإطعام بالنسبة لمن عجز عن الصيام؟ قالوا: له كيفيتان: أولاهما أن يصنع طعاماً فيدعوا إليه المساكين بعدد الأيام التي أفطرها، كما كان أنس بن مالك يفعل ذلك -رضي الله عنه- لما كبر، والكيفية الثانية: أن يطعمهم طعاماً غير مطبوخ، فيطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من كل ما يسمى طعام، من تمر أو بر أو أرز، أو غيرها.
وقال بعضهم: إن الواجب مد من البر، أو نصف صاع من غيره، يعني على قضاء معاوية -رضي الله عنه- في الفطرة.
بعضهم يرى أنه لا يصح الإطعام بالطعام المطبوخ، فيدعى إليه المساكين، بل لا بد من تمليك الفقير، يعني كالزكاة، لا بد فيها من التمليك، لكن النص يشمل المطبوخ وغير المطبوخ.