ويلزم الصوم لكل مسلم مكلف قادر، وإذا قامت البينة في أثناء النهار وجب الإمساك والقضاء على كل من صار في أثنائه أهلاً لوجوبه، وكذا حائض ونفساء طهرتا، ومسافر قدم مفطراً، ومن أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم لكل يوم مسكيناً، ويسن لمريض يضره ولمسافر يقصر، وإن نوى حاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه فله الفطر، وإن أفطرت حامل أو مرضع خوفاً على أنفسهما قضتا فقط، وعلى ولديهما قضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً.
يكفي.
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: ويلزم الصوم لكل مسلم مكلف قادر.
الصيام يجب وجوب على كل مسلم مكلف بالغ عاقل من الرجال والنساء، فلا يجب الصيام على كافر، بمعنى أنه لا يلزم به حال كفره، ولا يؤمر بقضائه إذا أسلم، وإن كان الكفار مخاطبين بفروع الشريعة على القول الراجح عند أهل العلم، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ} [(54) سورة التوبة]؛ فالكفر مانع من قبول العبادة، وكونه لا يقضي إذا أسلم لقوله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [(38) سورة الأنفال]، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يأمر أحداً ممن أسلم أن يقضي ما فاته من الواجبات، وأيضاً كل هذا من باب الترغيب له في الإسلام؛ إذ لو أمر من أسلم بعد أن بلغ السبعين مثلاً بقضاء ما فاته من الواجبات مدة خمس وخمسين سنة، نعم، احتمال أن يرجع عن إسلامه، فترغيباً له في الإسلام لا يؤمر بقضائها، إضافة إلى ما جاء من النصوص في ذلك، إذن ما فائدة تكليفه بفروع الشريعة وهو كافر؟ يعاقب على تركها في الآخرة، {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [(42 - 43) سورة المدثر].
ولا يجب الصيام على الصبي غير البالغ، والبلوغ كما هو معروف يحصل بأحد أمور: تمام خمسة عشر سنة، ويحصل بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، وإنزال المني عن شهوة، وتزيد المرأة أمراً رابعاً وهو: الحيض، فإذا حاضت البنت فقد بلغت، ولو كان سنها دون الخامسة عشرة.