ننظر إلى قول هؤلاء، وقال آخرون: لعله لم يعمل برؤية أهل الشام؛ لأنه لم يشهد بها عنده إلا كريب وحده، والشاهد الواحد لا يعمل بشهادته في الخروج، وإنما يعمل بها في الدخول، وفيه نظر؛ لأن كريباً شهد أنه رآه في الدخول لا في الخروج، والخروج تابع للدخول، ففيه دلالة قوية على نسبة القول بالعمل باختلاف المطالع، لا سيما وقد نسبه إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن ابن عباس يقول: هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وعلى كل حال المسألة فيها شيء من السعة، وإن كان على القول باختلاف الرؤية تبعاً لاختلاف المطالع هو القول المتجه.

يقول: إن رؤي نهاراً فهو الليلة المقبلة، تراءاه الناس عند غروب الشمس فلم يروه، فلما أصبحوا رأوه لا شك أنه لليلة المقبلة.

يقول: فإن صاموا بشهادة واحد ثلاثين يوماً فلم ير الهلال، أو صاموا لأجل غيم لم يفطروا.

كأنه جعل الصيام بشهادة واحد كالصيام لأجل الغيم للاحتياط، لا أنه حكم ملزم تترتب عليه آثاره، إذا قلنا: إن شهادة الواحد حكم ملزم تترتب عليه آثاره، فإذا أتموا الثلاثين خلاص يفطرون، ولو لم يروا هلال شوال؛ لأن الشهر لا يمكن أن يزيد على ثلاثين، وهنا كأنه جعل شهادة الواحد مثل تغليب الظن بظهور الهلال ليلة الثلاثين من شعبان مع وجود الغيم، كل هذا من باب الاحتياط.

يقول: فإن صاموا بشهادة واحد ثلاثين يوماً فلم ير الهلال، أو صاموا لأجل غيم لم يفطروا، ومن رأى وحده هلال رمضان رد قوله أو رأى هلال شوال صام، ويلزم الصوم ... إلى آخره.

إذا رأى الهلال وحده رد قوله، سواءً كان في دخول الشهر أو في خروجه، المرجح عند المؤلف أنه يصوم؛ لأنه تحقق فيه الشرط، رأى الهلال، شهد الشهر فيلزمه الصيام، لكن رأى الهلال متأكد فرد قوله، نفترض أنه شخص فاسق، ورأى الهلال دون تردد أنه الهلال، تقدم لإدلاء شهادته فردت شهادته، يقولون: يلزمه الصوم، ومثله لو رأى هلال شوال فردت شهادته يلزمه الصوم، هل القول مطرد أو غير مطرد؟ قوله مطرد وإلا غير مطرد؟

طالب: غير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015