إذا كان البرقع أشد من النقاب فهل الأولى أن يقول المؤلف: البرقع أو النقاب؟ النقاب؛ لأنه إذا كان البرقع أقوى نعم لو كان النقاب أقوى فيذكر ما دونه ليشمل ما فوقه، فلو قال: وتجتنب النقاب اجتنبت البرقع من باب أولى، والبرقع أقوى من النقاب فلهذا ينهي عنه باتفاقهم.
ابن القيم -رحمه الله تعالى- رد بقوة في تهذيب السنن وفي بديع الفوائد وغيرها من كتبه على من قال: إن إحرام المرأة في وجهها، أو قال: بكشف المرأة في الإحرام، وبين أنه الشارع نهى النقاب فقط، إذا عرفنا هذا فإن منع النقاب بالنسبة للمحرمة مفهومه أنه يجوز لغير المحرمة، إذا منعت المحرمة من النقاب ولا تنتقب يعني المرأة إذا كانت محرمة، مفهوم هذه العبارة أن غير المحرمة يجوز لها أن تنتقب شريطة أن يكون نقاباً لا سفوراً؛ لأن النقاب المقصود به النقب في غطاء الوجه بقدر العين، فإن زاد عن القدر المأذون به ولو كان شيئاً يسيراً كان سفوراً لا نقاباً، فيمنع من هذه الحيثية، لا أن النقاب ممنوع في الشرع، العلماء الذين أفتوا بمنع النقاب نظروا إلى الوقع، ورأوا هذه الأنقبة التي تلبسها النساء، وليست هي في الحقيقة نقاب إنما هي سفور، إذا خرج من البشرة ولو ملي متر واحد سار سفوراً وليس بنقاب، فمن منع من لبس النقاب مطلقاً فإنما قصد به سد الذريعة؛ لأن الناس قد لا يقفون عند الحد المشروع، بل يزيدون عليه، ومع ذلك هذا الاحتياط لا يمنع من بيان الحكم الشرعي، فيقال: النقاب جائز، لكن شريطة أن يكون نقاباً وليس بسفور، نعم إذ كنت في مجمع لا يفرق بين الممنوع والمشروع، أو كنت في محل أو في مقام يقتضي الاحتياط فعليك بالاحتياط.
بعض من ينتسب إلى العلم قدح في رواية: ((ولا تنتقب)) مع أنها ثابتة في الصحيح، لماذا؟ لأنه يلزم عليها هذا اللازم، وليكن النص الصحيح ما يعل بمثل هذا، نعم أبو داود له كلام في الكلمة، في هذه الكلمة "ولا تنتقب" لكن أين أبو داود من البخاري؟ على كل حال النقاب الأصل فيه الجواز، لكن إذا جر إلى محظور منع من هذه الحيثية.