يعني شخص جلس في بيته ولا سرق ولا زنا ولا غش ولا فعل شيء من المحظورات يثاب على تركها؟ مع أنه لم يقصد ذلك، لكن إن قصد ذلك بأن قال: أجلس في البيت لأسلم من ارتكاب المحظورات لا شك أنه يثاب، أما من ترك هذه المحرمات مع عدم نية الامتثال جلس في بيته ولم يقصد بذلك أن يسلم من ارتكاب المحرمات فإن مقتضى قول جمهور العلماء أنه لا يثاب على هذا الفعل إلا مع النية.
الإحرام: تقدم تعريفه، نية الدخول في النسك، وإضافة المحظورات إليه من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي الخصلات أو الفعلات المحرمات بسبب الإحرام.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وهي تسعة" الحصر طريقه الاستقراء كما هو معروف، قد يقول قائل: لماذا لا تكون عشرة أو سبعة أو ثمانية؟ أهل العلم استقرؤوا النصوص فوجدوها تنحصر في تسعة، ولا مانع من الحصر وإن لم يرد به نص شريطة أن يكون الاستقراء تاماً حيث لا ينخرم، جاء الحصر في النصوص الشرعية: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم)) و ((سبعة يظلهم الله في ظله)) وجاء الحصر في بعض النصوص بعدد معين ثم زيد عليه ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) مثلاً ثم زيد على هذه العدد ممن تكلم في المعهد حتى وصل العدد إلى سبعة، من العجيب قول بعض الشراح وهو إساءة أدب بلا شك لما تعرض لهذا الحديث قال: "في هذا الحصر نظر، قد ثبت أنه تكلم في المعهد غير هؤلاء الثلاثة" من الذي قال: ((لم يتكلم في المعهد إلا ثلاثة؟ )) الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذه إساءة بالغة، بل غفلة شديدة، مثل هذه الكلام يقال بالنسبة للرسول -عليه الصلاة والسلام-، الذي لا ينطق عن الهوى.
المحظور الأول: "حلق الشعر" من جميع بدنه بلا عذر من مرض أو قمل أو قروح أو صداع مما يتضرر بإبقائه؛ لأن حق الشعر مؤذن للرفاهية، وهي تنافي الإحرام، يقول الله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] وفي حكم الحلق القص والنتف، نص تعالى على حلق الرأس وعدي إلى سائر شعر البدن، قاس عليه أهل العلم سائر البدن، فمنعوا من إزالة شعره، سواء كان بالحلق أو بالنتف أو القلع أو النورة وما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز.