في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه قال: ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد، قال ذلك رداً على من قال: إنه -عليه الصلاة والسلام- أحرم من البيداء، فقال: بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أهل منها ما أهل إلا من عند المسجد، وفي رواية عنه: ما أهل إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره، وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث، كلها ثابتة عن الصحابة، منهم من قال: أهل من البيداء، ومنهم من قال: من عند الشجرة، ومنهم من قال: حينما استوت به دابته، ومنهم من قال: من عند المسجد، على كل حال الجمع بينها سهل، والرسول -عليه الصلاة والسلام- أهل منها كلها، وقد روي .. ، أو كل من روى أنه أهل بكذا فهو راوٍ لما سمعه من إهلاله، وقد أخرج أبو داود والحاكم من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه -صلى الله عليه وسلم- لما صلى بذي الحليفة ركعتين أهل بالحج حين فرغ منهما، فسمع قوم فحفظوه، حفظوه يعني فحدثوا به، قالوا: أهل من المسجد، فلم استقرت به راحلته أهل وأدرك ذلك منه قوم لم يشهدوه في المرة الأولى فسمعوه حين ذلك فقالوا: إنما أهل حينما استقلت به راحلته، ثم مضى فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك قوم لم يشهدوه فنقل كما سمع، فالجمع سهل بين هذه الأقوال، ولا يرجح بعضها على بعض؛ لأنها كلها يعني تنزل منازلها ومواردها، والجمع ممكن، والصيغة التي ذكرها المؤلف ثابتة في الصحيحين من حديث ابن عمر وعائشة وغيرهما، وحديث جابر عند مسلم في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: فأهل بالتوحيد، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك" وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد النبي -عليه الصلاة والسلام- عليهم شيئاً منه، ولزم -عليه الصلاة والسلام- تلبيته.