إذا رجع إلى أهله ما بقي للتمتع معنى، اللهم إلا إن كان المراد بالتمتع كونه تمتع بما منع منه بعد نهاية العمرة إلى إحرامه بالحج فمحتمل على بُعْد.
نقلنا عن التفسيرين الكبيرين: تفسير الطبري، وهو رائد في بابه في التفسير بالأثر، وتفسير القرطبي أيضاً تفسير نافع لا يستغني عنه طالب علم، فقد جمع من أحكام القرآن ما لم يجمعه غيره، وهو تفسير نافع ماتع، جامع على اسمه، ماتع أيضاً، ولا تمل القراءة فيه حقيقة، فهو جامع لما يحتاجه المفسر، ينقل أقوال السلف وإن كان ما هو بمثل ابن جرير بالسند، لكنه يعتني بذكر شيء منها، ويعتني بالأحكام الفقهية، ويذكر أقوال الأئمة بأدلتها، والله المستعان، مثل هذا ينبغي لطالب العلم أن يعتني به، أيضاً فهو مكمل لسابقه.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وإن حاضت المرأة فخشيت فوات الحج أحرمت به وصارت قارنة" أي إن حاضت المرأة المتمتعة قبل طواف العمرة فخشيت فوات الحج بأن غلب على ظنها عدم طهرها قبل الفوات أحرمت بالحج وأدخلته على العمرة وجوباً؛ لأنه لم يكن لها أن تطوف وهي حائض صارت قارنة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عائشة بذلك، وكذا لو خشيه غيرها بأن خاف المتمتع فوات الحج إن اشتغل بالعمرة فاته الحج، فإنه حينئذٍ يحرم بالحج لتعينه ويصير حينئذٍ قارناً، وهو مذهب مالك والشافعية، وتسقط عنه العمرة؛ لأنه أدرجها أو لندراجها في الحج، وحينئذٍ تحصل له العمرة والحج معاً، لكن العمرة المستقلة التي يتحلل منها الحل كله تسقط عنه، أما إذا لم يخشَ فوت الحج أو لم تخشَ المرأة الحائض فوت الحج هل لها أن تدخل الحج لتكون قارنة؟ أجاز ذلك جمع من الفقهاء، لكن الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- يقول: "في النفس من هذا شيء؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أمر من أحرم بالحج ولم يسق الهدي أن يجعله عمرة فكيف تجعل العمرة حجاً؟ وهل هذا إلا خلاف ما أمر به الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟!
قال -رحمه الله تعالى-: "وإذا استوى على راحلته قال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، يصوت بها الرجل، وتخفيها المرأة" قوله: "إذا استوى على راحلته قال" متى يهل؟ متى يلبي؟ نعم؟