من أدلتها قوله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [(235) سورة البقرة]، قال تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا} [(52) سورة الأحزاب]، وقال تعالى: {وهو مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [(4) سورة الحديد]، وقال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [(14) سورة العلق]، وقال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [(19) سورة غافر]، إلى غير ذلك من الآيات؛ فالذي يكون بحضرة الناس، وتمر أمامه الفاتنة التي استشرفها الشيطان ويسارقها النظر قد يخفى على من بجواره، لكن لا يخفى على الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وفي حديث جبريل -عليه السلام- أنه سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإحسان فقال له: ((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))، والمراقبة كما قال ابن القيم أيضاً: "هي التعبد بأسماء الله -سبحانه وتعالى-، الرقيب والحفيظ والعليم والسميع والبصير، فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها، حصلت له المراقبة".
وهذه من أعظم فوائد معرفة الأسماء الحسنى، كثير من الناس لا يعتني بهذا الشأن وهذا الباب، بل معرفة الأسماء الحسنى ومعانيها وما تدل عليه من أولى ما يعتني به طالب العلم؛ لأن لها مدلولات، وصنفت فيها المنصفات في معانيها، وشرحها العلامة ابن القيم في نونيته شرحاً جميلاً مناسباً، فمن حفظ ما يتعلق بها أدرك شيئاً من ذلك، ويرجى له أن يدخل في حديث: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة)). فالمراقبة من آثار معرفة هذه الأسماء الحسنى لله -سبحانه وتعالى-.
ومن حكم الصيام: تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة، والصفات الذميمة كالأشر والبطر والبخل، وتعويدها الأخلاق الكريمة كالصبر، والحلم، والجود، والكرم، ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب لديه.