يعني على الإنسان، على المسلم أن يشمر ويجد ويجتهد في طاعة ربه، والوصول إلى مرضاته وجناته بفعل جميع ما أمر به، دون خيرة ولا تردد، وترك جميع ما نهي عنه.
يقول القرطبي في تفسيره: التقوى فيها جماع الخير، وهي وصية الله للأولين والآخرين، وهي خير ما يستفيده الإنسان، وهي خير ما يستفيده الإنسان، كما قال أبو الدرداء، وقد قيل له: إن أصحابك يقولون الشعر، وأنت ما حفظ عنك شيء فقال:
يريد المرء أن يؤتى مناه ... ويأبى الله إلا ما أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي ... وتقوى الله أفضل ما استفادا
وفي هذا إشارة إلى تصحيح القصد بهذه العبادة، فمن لم يصم بنية صالحة، ويقصد بصيامه التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- فإنه لا ترجى له هذه الملكة، التقوى، فليس الصيام في الإسلام من أجل تعذيب النفس، بل لتربيتها وتزكيتها، المقصود من الصيام الشرعي غير ما يفعله أهل الرياضات من المتصوفة الضلاَّل.
الفارابي في آخر عمره لزم الصيام، صار صواماً، في آخر عمره، لكن هذا الصيام جره إلى التقوى؟ لا والله، لماذا؟ لأنه يفطر على الخمر المعتَّق، وأفئدة الحُمْلان، قلوب الخراف الصغيرة، فمثل هذا الصيام يجر إلى التقوى؟ لا، كيف يرجو أن يصل إلى هذه المرتبة من يفطر على المعصية، ويوجد بين المسلمين -مع الأسف الشديد- من يفطر على ما حرم الله.
أحمد أمين في أيامه التي سطر فيها حياته، كتاب له اسمه (حياتي) قال: إنه درسهم في مدرسة القضاء الشرعي شيخ وصفه بأنه جليل، صار بينه وبينه ارتباط، ثم إنه فجأة فقده عشر سنين لا يدري أين ذهب، فقدر له أن سافر إلى تركيا فوجده، فوجده قد ترهب واعتزل الناس، فصار صواماً قواماً، لكن ما نوع هذا الصيام؟ يصوم من بعد طلوع الشمس إلى الليل، سأله لماذا لا تصوم الصيام الشرعي من طلوع الفجر؟ قال: تحته، في الشقة الذي تحته عائلة ما أدري قال يهودية أو نصرانية، فيخشى أن يشوش عليهم إذا قام في آخر الليل يجهز السحور وكذا.