ولا ينقل اللفظ اللغوي إلى الاستعمال الشرعي بحيث لا يكون هناك رابطة بين المعنيين الشرعي واللغوي، فالحج في اللغة القصد إلى المعظم، وهنا قصد مكة، وهي معظمة، لكن لأي شيء؟ زيد قيد أو قيود، إنما كان هذا القصد لأداء النسك، الذي هو نسك الحج، في زمن مخصوص على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، تقرباً إلى الله -سبحانه وتعالى-.
والعمرة في اللغة: الزيارة، يقال: اعتمره إذا زاره، وقيل: إنها مشتقة من عمارة المسجد الحرام، مأخوذة من عمارة المسجد الحرام، فالعمار يعمرون المسجد الحرام بالتردد إليه لأداء هذا النسك.
واصطلاحاً: زيارة البيت الحرام لعمل مخصوص وهو الطواف والسعي تقرباً إلى الله -سبحانه وتعالى-، الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- يضيف إلى التعاريف الشرعية للعبادات كلها لفظ التعبد لله -عز وجل-، فيقول مثلاً في الحج: التعبد لله -عز وجل- بأداء النسك على ما جاء في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، على كل حال هي عبارة جيدة، لكن إذا قلنا بالحد المعروف عند أهل العلم وأضفنا إليه تقرباً إلى الله -عز وجل- انتهى الإشكال، كل عبارة يفهم منها المقصود فإنها تكفي إذا كانت على سنن الحدود عند أهل العلم بأن تكون جامعة مانعة، على أن تعريف العبادات وغيرها من الأمور المعروفة لدى الخاص والعام المستفيض ذكرها ليس من عادة سلف هذه الأمة وأئمتها، لا تجد الأئمة الكبار يتعرضون لتعريف الصلاة مثلاً أو لتعريف الزكاة، أو لتعريف الحج أو غيرها من العبادات المعروفة عند الناس كلهم، فهي معروفة لدى الخاص والعام، لكن احتيج إليها، احتيج إلى مثل هذه التعاريف لما سلك الناس بالتأليف مسالك الترتيب، فهم يرتبون العلوم، بل تجدهم لا يجيزون ذكر الحكم حتى يتم التعريف على مرادهم، والأصل في هذه الحدود مأخوذة من المنطق، واعتنى بها أهل العلم وتعارفوا عليها، وصارت اصطلاح لهم، وعلى كل حال لا مانع من ذكر تعريف الشيء وإن كان معروفاً، اللهم إلا إن كان تعريفه مما يزيده غموضاً، فتعريف الأرض مثلاً، تعريف السماء، تعريف الماء، كل هذه مما يزيدها غموضاً، فتعريف مثل هذه المعروفات لا طائل تحته.
يقول -رحمه الله-: