3_ ومنها أنه ينبغي للإنسان أن يشيع أهله إذا انقلبوا من عنده إذا كان ذلك ليلا أو في وقت يخاف فيه عليهم 4_ ومنها أنه ينبغي للإنسان أن يزيل أسباب الوساوس من القلوب فمثلا إذا خشي أن أحدا يظن به شرا فإنه يجب عليه أن يزيل ذلك عنه ويخبره بالواقع حتى لا يحدث في قلبه شيء 5_ ومنها أنه إذا حدث للإنسان ما يتعجب منه فليقل سبحان الله كما قال ذلك الأنصاريان وأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم 6_ ومنها شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ودرء الشر عنهم أما الحديث الثاني عن العباس رضي الله عنه فهو في قصة حنين وحنين هي اسم مكان غزا به النبي صلى الله عليه وسلم ثقيفا وكان الصحابة رضي الله عنهم قد فتحوا مكة في رمضان في السنة الثامنة من الهجرة ومعهم عشرة آلاف من خارج مكة وألفان من أهل مكة فالجميع اثنا عشر ألفا فجعل بعضهم يقول لبعض لن نغلب اليوم من قلة أعجبوا بكثرتهم ولكن الله تعالى أراهم أن النصر من عند الله وأن الكثرة والقوة لا تحولان بين قضاء الله وقدره قابلوا ثقيفا وكانت ثقيف ثلاثة آلاف وخمسمائة نفر والمسلمون اثنا عشر ألفا ومعهم الرسول صلى الله عليه وسلم فكمنت لهم ثقيف في وادي حنين ومعلوم أنه إذا كمنوا لهم ثم تقدم بعضهم وتأخر آخرون سوف تحدث الهزيمة انهزم الصحابة رضي الله عنهم وولوا ولم يبق مع الرسول صلى الله عليه وسلم من اثني عشر ألفا إلا نحو مائة رجل كما قال الله تعالى ثم وليتم مدبرين ولكن محمدا صلى الله عليه وسلم الذي أعطاه الله تعالى الشجاعة العظيمة والإقدام في موضع الإقدام جعل يركض بغلته نحو العدو وهو يقول صلى الله عليه وسلم أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب يعلمهم عليه الصلاة والسلام وأمر العباس رضي الله عنه وكان رجلا جهوري الصوت أمره أن ينادي الصحابة ليرجعوا فجعل ينادي يا أصحاب السمرة ...

يا أصحاب السمرة يا أصحاب السمرة أقبلوا..

هلموا والسمرة هي الشجرة التي بايع الصحابة عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية على ألا يفروا وهم فروا الآن فقال يا أصحاب السمرة يذكرهم بهذه المبايعة وهذه السمرة شجرة بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها الصحابة على ألا يفروا أبدا وفيها يقول الله تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} فأخبر الله تعالى أنه رضى عنهم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة بشرى عظيمة أنهم لا يدخلون النار لا قليلا ولا كثيرا المهم أن العباس دعاهم بهذا يا أصحاب السمرة قالوا لبيك..

لبيك وأقبلوا كأنهم البقر على أولادها الصغار يعني مسرعين جدا فقاتلوا العدو وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حصيات رمى بها وجوه القوم وقال انهزموا ورب محمد وصار الأمر كذلك انهزمت ثقيف وغنم منها النبي صلى الله عليه وسلم غنائم كثيرة كثيرة جدا ما بين إبل وغنم وأحوال فالحاصل أن هذا الحديث من آيات الله عز وجل حيث نصر الله المؤمنين بعد أن أراهم قوته وأن الأمر أمره جل وعلا ليس بالكثرة ولا بالقوة ولا بالعزيمة ولكن النصر من عند الله عز وجل قال الله تعالى {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء} وفي هذا الحديث من الفوائد 1_ قوة شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم حيث تقدم إلى العدو بقوله وفعله أما فعله فإنه جعل يركض بغلته التي هو راكب عليها نحو العدو وأما قوله فإعلانه بصوته الرخيم أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب 2_ ومنها أنه يجب على الإنسان ألا يعجب بقوته ولا بكثرته ولا بعلمه ولا بماله ولا بذكائه ولا بعقله والغالب أن الإنسان إذا أعجب فإنه يهزم بإذن الله إن أعجب بكثرته هزم وإن أعجب بعلمه ضل وإن أعجب بعقله تاه لا تعجب بنفسك ولا بأي قوة من قواتك بل استعن بالله عز وجل وفوض الأمر إليه حتى يتم لك ما تريد 3_ ومنها جواز ركوب البغلة والبغل متولد من بين الحمار والفرس ينزو الحمار على الأنثى من الخيل فتلد البغل وهو نجس وحرام لكنه طاهر في ظاهره كالهرة طاهرة ولكن بولها وعذرتها نجسة وكذلك البغل فعرقه طاهر ومسه حال ركوبه طاهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم ركبه وهو يعرق وقد يكون المطر ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحترز منه فدل ذلك على أنه طاهر وهو القول الراجح 4_ ومنها أنه ينبغي للإنسان أن ينادي الناس بما يشجعهم لأن العباس لم يقل يا أيها المؤمنون يا أيها الصحابة بل قال يا أصحاب السمرة لأن هذا يشجعهم ويذكرهم بالبيعة التي بايعوا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم 5_ ومنها أن الله تعالى قد ينصر الفئة القليلة ولو على باطل على الفئة الكثيرة ولو على حق الفئة القليلة هنا من الكفار ثلاثة آلاف وخمسمائة الفئة الكثيرة الصحابة رضي الله عنهم ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يستفاد من هذا فائدة أيضا أن العاقبة للمتقين حتى لو هزم المسلمون بكثرتهم فإن العاقبة لهم لأن الله تعالى يقول {فاصبر إن العاقبة للمتقين} والله الموفق

1850 - وعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نفارقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء فلما التقى المسلمون والمشركون ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عباس ناد أصحاب السمرة قال العباس وكان رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها فقالوا يا لبيك يا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015