عظيمة على الشريعة.
كذلك الأمراء، إذا اغتبت أميراً أو ملكاً أو رئيسًا أو أشبه ذلك ليس هذه غيبة شخصية له فقط بل هي غيبة له وفساد لولاية أمره؛ لأنك إذا اغتبت الأمير أو الوزير أو الملك معناها أنك تشحن قلوب الرعية على ولاتهم، وإذا شحنت قلوب الرعية على ولاة أمورهم فإنك في هذه الحال أسأت إلى الرعية إساءة كبيرة؛ إذ أن هذا سبب لنشر الفوضى بين الناس، وتمزق الناس وتفرق الناس، واليوم يكون رمياً بالكلام، وغداً يكون رميًا بالسهام؛ لأن القلوب إذا شحنت وكرهت ولاة أمورها، فإنها لا يمكن أن تنقاد لأوامرهم، إذا أمرت بخير رأته شرا ولهذا قال الشاعر كلمة صادقة، قال:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ...
كما أن أعين السخط تبدي المساوئ
فأنت مثلاً إذا اغتبت أحداً من الكبار الذين لهم ولاية أمر على المسلمين، قيادة دينية، أو قيادة تنفيذية وسلطة، فإنك تسيء إلى المسلمين عمومًا من حيث لا تشعر، قد يظن بعض الناس أن هذا يشفي من غليله وغليانه، لكن كيف يصب جامه على أمن مستقر ليقلب هذا الأمن إلى خوف، وهذا الاستقرار إلى قلق؟ أو ليقلب هذه الثقة بالعالم إلى سحب الثقة، إذا كنت ذا غليان أو إذا كان صدرك مملوءًا غيظًا فصبه على نفسك قبل أن تصبه على غيرك، انظر مساوئك أنت، هل أنت ناج من المساوئ؟ هل أنت سالم؟ أول عيب فيك أنك تسب ولاة الأمور وتغتاب ولاة الأمور، قد يقول: أنا أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، نقول: حسناً ما قصدت، ولكن البيوت تؤتى من أبوابها، ليس طريق