يستيقظون، حتى ولو علت الأصوات من حوله. فكان صفوان من جملة هؤلاء القوم، فكان إذا نام؛ تعمق في النوم فلا يمكن أن يستيقظ إلا إذا أيقظه الله عز وجل كأنه ميت.

فلما استيقظ وجاء وإذا أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ وحدها في مكان في البر ـ وكان يعرفها قبل أن ينزل الحجاب ـ فما كان منه إلا أن أناخ بعيره ولم يكلمها بكلمة، لم يقل لها: ما الذي أقعدك؟ أو لماذا؟

والسبب في أنه لم يتكلم هو احترامه لفراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يريد أن يتكلم مع أهله بغيبته رضي الله عنه، فأناخ البعير ووضع يده على ركبة البعير ولم يقل اركبي ولا تكلم بشيء، فركبت ثم ذهب بالبعير يقودها، ولم يكن يسوقها حتى لا ينظر إليها ـ رضي الله عنه ـ.

ولما أقبل على القوم ضحى وقد ارتفع النهار؛ فرح المنافقون أعظم فرح أن يجدوا مدخلاً للطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتهموا الرجل بالعفاف الرزان الطاهرة النقية فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتهموه بها وصاروا يشيعون الفاحشة بأن هذا الرجل فعل ما فعل، وسقط في ذلك أيضا ثلاثة من الصحابة الخلَص وقعوا فيما وقع فيه المنافقون، وهم: مسطح بن أثاثة بن خالة أبي بكر، وحسان بن ثابت رضي الله عنهما، وحمنة بنت جحش.

فصارت ضجة، وصار الناس يتكلمون: ما هذا؟ وكيف يكون؟ من مشتبه عليه الأمر، ومن منكر غاية الإنكار. وقالوا: لا يمكن أن يتدنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أطهر الفراش على وجه الأرض.

وأراد الله بعزته وقدرته وحكمته لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أن تمرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015