إليه صاحب السلعة، لم يبق إلا العقد، مثل أن يقول: بعها على بألف فيركن إليه البائع، ولكن لم يتم العقد، بل يجزم أن يبيع عليه، فيأتي إنسان آخر ويقول: " أنا أعطيك بها ألفاً ومائه، فإن هذا لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يسم على سوم أخيه".

ومثل ذلك أيضا في النكاح، إذا خطب شخص من آخر فلا يحل لأحد أن يخطب على خطبته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ولا يخطب على خطبة أخيه" وكل هذا احتراماً لحقوق المسلمين بعضهم على بعض، فلا يحل للإنسان أن يعتدي على حق إخوانه؛ لا ببيع ولا شراء ولا إجارة ولا سوم ولا نكاح ولا غير ذلك من الحقوق.

بقي الكلام على قوله عليه الصلاة والسلام: " التقوى هاهنا ويشير على صدره" وقد سبق لنا معنى أن التقوى في القلب، فإذا اتقى القلب اتقت الجوارح، وإذا زاغ القلب زاغت الجوارح- والعياذ بالله - قال تعالى (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (المائدة: 108) .

واعلم أنه زيغ القلب لا يكون إلا بسبب الإنسان، فإذا كان الإنسان يريد الشر ولا يريد الخير فإنه يزيغ قلبه- والعياذ بالله - ودليل هذا قوله تعالى: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) (الصف: 5) ، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (لأنفال: 70) .

فإذا علم الله من العبد نية صالحة وإرادة للخير، يسر الله له ذلك وأعانه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015