يعرف الأصوليون الدليل بقولهم: هو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.
وكلامنا هنا إنما هو في ماهية الدليل وليس في حده الأصولي المعين، فنقول: الدليل في منهج المتقدمين والمحققين من المتأخرين -لأنه لا ينبغي الفصل المطلق بين المتقدمين والمتأخرين، وكأن المتأخرين انقلبوا انقلاباً كلياً على المتقدمين؛ بل لقد بقي في المتأخرين محققون، ولا يعني ذلك أنهم يبلغون إلى درجة المتقدمين، فمثلاً: شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن عبد البر والحافظ المزي ..
هؤلاء محققون، لكن لا يعني ذلك أنهم صاروا كدرجة أئمتهم، لكنهم محققون في هذا الباب- فيقال: المنهج الذي عليه المتقدمون والمحققون من المتأخرين أن الدليل وجهان:
أحدهما: الدليل اللفظي المعين، وهو ما يقضي بالحكم على المسألة إذا نظرت فيه، كحديث: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، فهذا الحديث قضى بحكم هذه المسألة المعنية ..
ونحو ذلك.
ثانيهما: الدليل الاستقرائي، ومن خاصيته أنه دليل مركب، وهو محصل النظر في المقاصد والأصول -أي: مقاصد وأصول الشريعة- الخاصة والعامة.