قال المصنف رحمه الله: [فصل: وفي كثير من الأحاديث يجوز أن يكون للعالم حجة في ترك العمل بالحديث لم نطلع نحن عليها، فإن مدارك العلم واسعة، ولم نطلع نحن على جميع ما في بواطن العلماء، والعالم قد يبدي حجته وقد لا يبديها، وإذا أبداها فقد تبلغنا وقد لا تبلغنا، وإذا بلغتنا فقد ندرك موضع احتجاجه وقد لا ندركه، سواء كانت الحجة صواباً في نفس الأمر أم لا، لكن نحن وإن جوزنا هذا فلا يجوز لنا أن نعدل عن قول ظهرت حجته بحديث صحيح وافقه طائفة من أهل العلم إلى قول آخر قاله عالم يجوز أن يكون معه ما يدفع به هذه الحجة وإن كان أعلم، إذ تطرق الخطأ إلى آراء العلماء أكثر من تطرقه إلى الأدلة الشرعية، فإن الأدلة الشرعية حجة الله على جميع عباده، بخلاف رأي العالم].
فيما سبق تكلمنا عن مكونات الخلاف وأنها أربع جهات، وذكرنا بعد ذلك ما يتعلق بمراتب القول الفقهي، وفي هذا المجلس بإذن الله تعالى سيكون الكلام في التمذهب، ولكن قبل أن ندخل في هذا الموضوع وما أشار إليه المصنف في الكلام الذي قرئ، هناك بعض الإيضاحات لبعض ما سبقت الإشارة إليه.