الناظر: هو من يملك القدرة العلمية على فهم أقوال الفقهاء والاختيار منها.
وهذا حال كثير من الباحثين المختصين بأبواب من الفقه، وحال كثير من طلبة العلم الذين جالسوا الشيوخ والعلماء، فهؤلاء لا يسمون مقلدين بمعنى التقليد المحض؛ لأن الواحد منهم عنده قدرة على أن ينظر في كتب الفقهاء؛ ككتب الفقه المقارن، وكتب المذاهب، ويرجع إلى بعض الكتب في السنن والآثار كالمصنفات مثلاً، فعنده قدرة على هذا الجمع العلمي، ثم يستنتج أن المسألة مثلاً فيها ثلاثة أقوال، ويذكر أقوال الفقهاء مع أدلتهم، ثم يصل إلى نتيجة يراها أقرب إلى الشريعة، فيقول: الأقرب عندي هذا القول؛ كمن يصل إلى نتيجة فيرى أن ما قرره ابن تيمية في مسألة تحية المسجد أقوى من حيث الدليل، ومن حيث تطبيق القواعد الأصولية، وهذا الأمر -كما ذكرنا- يحصل لكثير من الباحثين الذين ينصرف أحدهم في بحث ما إلى دراسة كتاب الطهارة أو كتاب الجنايات من الفقه، لكن لا يوجد عنده اطلاع واسع في أبواب الفقه الأخرى، إنما قصد إلى مبحثٍ معينٍ خاص.
ويحصل كذلك لكثير من طلاب العلم الذين جالسوا العلماء والشيوخ، فتجد أن عندهم هذه القدرة، لكنهم ليسوا على أكثر من ذلك.
إذاً: هذا يسمى: ناظراً في أقوال الفقهاء، وليس هو مجتهداً ولا فقيهاً، وسيأتي الفرق بينه وبين الفقيه، وليس هو أيضاً كالعامي المقلد؛ لأنه -كما ذكرنا- يستطيع أن ينظر في أقوال الفقهاء، ثم يصل إلى اختيار يراه، وليس بالضرورة أن يكون هذا الاختيار اجتهاداً مطلقاً؛ بل هو اختيار حسب ما يقارب من الأدلة عنده.