ضرورة معرفة أمراض الأمة وأهميتها في العلاج

ولهذا ينبغي علينا جميعاً أن نعرف أمراض المسلمين، وهذه قضية مهمة جداً، فينبغي على الدعاة أن يفهموها، فأي وصفة طبية لمرض من الأمراض لا تكون أبداً إلا بعد التشخيص الصحيح للحالة، فعندما يكون عند الإنسان تشخيص صحيح لمرض المسلمين، وعندما يدرك الإنسان الداء الذي فتك بحياة المسلمين، والذي جعل حياة المسلمين تشبه إلى حد كبير حياة الغربيين، عندما يكون عنده معرفة وتوصيف لحالة المسلمين يستطيع حينئذ أن يشرح العلاج النافع لهم بأوضح ما يكون، لكن إذا كان لا يدري كيف يمكن أن يعالج فإنه لا يستطيع أن يقدم شيئاً.

فإذا جاءك مريض ومعه حصاة في الكلى وأنت تظن أن فيه مرضاً في القلب فماذا ستعمل؟ ستعطيه من علاجات مرض القلب ما يفتك به ويهلكه، ولأجل هذا كان لا بد من أن يدرك الإنسان أمراض المسلمين، وأمراض المسلمين متعددة ومزمنة، ويجمعها البعد عن دين الله عز وجل، وتَقَبُلُ الخرافات، وفي نفس الوقت ضعف الاهتمام بقضايا التدين، وهذا الضعف الديني الكبير الذي هيمن على حياة المسلمين كان فرصة مناسبة لوجود من يقول لهم: إن الطريق الصحيح هو أن نتجه إلى الغرب الذي كان في ضعف كما كنا في ضعف ثم أصبح في حضارة عظيمة، فنريد أن نصبح في حضارة عظيمة ونقلدهم، وحينئذ نصل إلى ما وصلوا إليه.

وهذه مشكلة عند بعض الناس، وقد يصدق مثل هذه المقالات بعض الطيبين الذين يشعرون بحاجة الأمة إلى الإنقاذ.

والحقيقة هي أن الأمة محتاجة إلى العلم الصحيح المبني على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله العلم الذي ينظر إلى الجيل الأول وكيف كانت حياته، ثم يتعامل مع مشكلات الأمة بنفس المنهج الذي تعامل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وإلا فإنه سيكثر التخبط في حياتنا وفي مجتمعاتنا، والعياذ بالله.

وهذه الصورة التي نتحدث عنها عند الصوفية وغيرهم هي من صور الأمراض الموجودة التي تحتاج إلى علاج، وهذه الأمراض لا يمكن أبداً أن نوافق القائلين في أنها بادت وانتهت وذهبت، فذلك ليس صحيحاً أبداً، فلم تبد ولم تذهب ولم تنته، وإنما هي موجودة اليوم في حياتنا عند طائفة كبيرة، وقد تكون في بعض البلدان مستخفية؛ لأن الرأي العام لا يوافقها، وتكون في بعض البلدان الأخرى ظاهرة؛ إذ يوافقها الرأي العام في تلك البلدان، لكنها موجودة في حياة المسلمين.

وإذا نظرت إلى جانب واحد فقط، كالقنوات الفضائية التي توجد عند أغلب المسلمين، فإن الدين في هذه القنوات يصور على أنه هو التصوف، فترى الابتهلات الدينية على الموسيقى، والاهتمام بالقبور، وعمل التقارير الإخبارية أو الإعلامية عن قبر السيدة زينب أو الست نفيسة، أو القبر الفلاني، أو المولد الفلاني كمولد السيد البدوي مثلاً، أو نحو ذلك، والاهتمام بنقل أخباره، حتى تتوجه عواطف كثير من المسلمين الدينية نحو هذه الخرافات الضالة والمنحرفة، وهذه أمور لو كان إنسان لا يراها في مدينته التي يعيش فيها سيتأثر بها، وسيظن أن هذا هو الدين الصحيح، وحينئذ يكون مهيأ لقبول أي خرافة وأي فكرة غريبة لا توافق منهج الله سبحانه وتعالى، ولا توافق سنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015