Q بعض الإخوة يقول: إن من استغاث بغير الله من الأموات لا يكفر، ولا يرى أن في ذلك شركاً، ويحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا أخاف على أمتي الشرك) ويحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب)، ورتب على هذا أن الاستغاثة بغير الله ليست شركاً، فما قولكم؟
صلى الله عليه وسلم هذا القول باطل لأن من الحقائق الشرعية أن الدعاء - وأهمه الاستغاثة في حالة الكرب وفي حالة الحاجة - من العبادة، فإذا صرف لغير الله فهو شرك بإجماع المسلمين، وليس في هذا خلاف أبداً عند المسلمين، وقد بين الشرع كفر كفار قريش بأنهم يدعون غير الله عز وجل، ولهذا يقول الله عز وجل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:18]، ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} [الزمر:38] إلى آخر الآية، وهذا المقصود منه الدعاء، فلا شك في أن من استغاث بغير الله فهو مشرك.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم) فيحمل على عدة معان: المعنى الأول: أن يتفق أهل الجزيرة كلهم على عبادة الشيطان، وهذا مستحيل.
الأمر الثاني: أن تكون العبادة عبادة للشيطان نفسه، أي أن الشيطان يئس أن يعبد هو ذاته، فلا يمكن أن يكون في جزيرة العرب كلها من يعبد الشيطان في ذاته، وبناء على هذا فلا يكون في هذا الحديث أي إشكال على القاعدة الشرعية أن صرف العبادة لغير الله عز وجل يكون شركاً أكبر.