يقول الشيخ: [فجعلوا اليقين هو معرفة هذه الحقيقة، وقول هؤلاء كفر صريح، وإن وقع فيه بالتقليد طوائف لم يعلموا أنه كفر].
وهذا يدل على أنه قد يقع الإنسان في الكفر في بعض الأحيان وهو لا يعلم أنه كفر.
يقول: [فإنه قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن الأمر والنهي لازمان لكل عبد ما دام عقله حاضراً إلى أن يموت، لا يسقطان عنه لا بشهوده القدر ولا بغير ذلك، فمن لم يعرف ذلك عُرِّفه وبين له، فإن أصر على اعتقاد سقوط الأمر والنهي فإنه يقتل كفراً].
إذاً: الأمر والنهي لا يسقط في الحال العادي، وإنما يسقط إذا كان الإنسان مجنوناً، أو إذا كان صغيراً، أو إذا كان له عذر من الأعذار الشرعية المعروفة، أما السقوط العام بهذه الطريقة فهو كفر صريح، وهو - كما قلت - مثل مقالة من يقول: إن الشريعة لا تصلح في هذا الزمان، فنحن في زمان متطور والشريعة لا تصلح فيه، وكلاهما كافر وعلى عقيدة واحدة حقيقتها إلغاء لدين الأنبياء، وإلغاء للإسلام، فما دام أنه لا يصلح في هذا الزمان فقد انتهى الإسلام، وليس هناك داع لانتسابنا إليه، لكن هؤلاء - ليضحكوا على الناس - ينتسبون إلى الإسلام اسماً، ثم يأتون بهذه المقالات التي هي نسف للإسلام كله، فتجد أحدهم قد يسمى باسم المسلمين، فيكون اسمه عبد لله، ومع هذا تجد أنه يقول بمثل هذه المقالات؛ لأنه أخذ الدين وراثة، ولم يأخذ هذا الدين عن قناعة وعن فهم لحقائقه الشرعية.
قال: [وقد كثرت مثل هذه المقالات في المتأخرين، وأما المتقدمون من هذه الأمة فلم تكن هذه المقالات معروفة فيهم، وهذه المقالات هي محادة لله ورسوله].
وذلك لأن الله أمر بالشريعة عموماً، وهكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
[ومعاداة له، وصد عن سبيله، ومشاقة له، وتكذيب لرسله، ومضادة له في حكمه، وإن كان من يقول هذه المقالات قد يجهل ذلك ويعتقد أن هذا الذي هو عليه طريق الرسل وطريق أولياء الله المحققين، فهو في ذلك في منزلة من يعتقد أن الصلاة لا تجب عليه لاستغنائه عنها، لما حصل له من الأحوال القلبية، أو أن الخمر حلال له].
وعند كل الطوائف - حتى المرجئة - أن من استحل المحرمات فهو كافر، فهؤلاء العلمانيون الذين يرون أن الإسلام لا يصلح للتطبيق في هذا الزمان، وكذلك الحداثيون الذين يريدون هدم القديم بما فيه الأديان، هؤلاء كفار حتى عند المرجئة لا عند أهل السنة فقط، كفار عند أقل طائفة من طوائف المسلمين الذين حصروا الأيمان في مجرد التصديق فقط، فهم يكفرون هؤلاء العلمانيين ويكفرون هؤلاء الذين يسقطون التكاليف عن العباد بهذه الطريقة.
قال: [لكونه من الخواص الذين لا يضرهم شرب الخمر، أو أن الفاحشة حلال له لأنه صار كالبحر لا تكدره الذنوب، ونحو ذلك].