يقول الشيخ: [وقد يقولون - يعني هؤلاء الذين يسقطون التكاليف عن طائفة دون طائفة - من شهد الإرادة سقط عنه التكليف].
يعني: من كان من أتباعه، أما العامة أمثالكم فالتكليف لازم عليهم.
[ويزعم أحدهم أن الخضر سقط عنه التكليف لشهوده الإرادة].
والخضر تعتبر قصصه وأخباره في الفكر الصوفي خرافة من الخرافات، فهم يعتقدون أن الخضر ما زال حياً إلى الآن، وأنه يلتقي بأئمتهم، ويلتقي بزهادهم وأوليائهم الكبار، وأنهم يتلقون عنه التوجيهات من العلم اللدني الذي عند الخضر، وهذا من خرافاتهم، فالخضر مات عليه السلام ورضي الله عنه، كما يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما على الأرض من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة).
[فهؤلاء يفرقون بين العامة والخاصة الذين شهدوا الحقيقة الكونية، فشهدوا أن الله خالق أفعال العباد، وأنه مريد ومدبر لجميع الكائنات، وقد يفرقون بين من يعلم ذلك علماً وبين من يراه شهوداً، فلا يسقطون التكليف عمن يؤمن بذلك ويعلمه فقط، ولكن يسقطونه عمن يشهده، فلا يرى لنفسه فعلاً أصلاً، وهؤلاء لا يجعلون الجبر وإثبات القدر مانعاً من التكليف على هذا الوجه، وقد وقع في هذا طوائف من المنتسبين إلى التحقيق والمعرفة والوحيد].
أي: هؤلاء ليسوا مثل الأوائل الذين جعلوا الجبر مانعاً من التكليف عموماً، ولكن هؤلاء خصوه بطائفة دون طائفة.