المعروف بابن البطي إجازة إن لم أكن سمعته منه، قال: أنبأنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون المعدل، قراءة عليه، وأنا حاضر أسمع، قيل له: أقرأت على أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ؟ قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني بصيدا، فأقر به، قال: سمعت أبا بكر محمد بن عبد العزيز بن محمد بن الفضل بن يحيى بن القاسم بن عون بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي بمكة يقول: سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد السجستاني، وسئل عن رسالته التي كتبها إلى أهل مكة وغيرها جواباً لهم فأملى علينا: سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- كلما ذكر، أما بعد:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذه الرسالة الموجزة المختصرة من الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني المتوفى سنة خمسة وسبعين ومائتين افتتحت بالبسملة، وهذه البسملة التي صدرها ليست من كلام المؤلف كما هو معروف؛ لأنها تسبق الإسناد والإسناد ليس من كلامه -رحمه الله-، وإنما من كلام آخر الرواة، آخر الرواة عنه، قال: ولا حول ولا قول إلا بالله العلي العظيم، هذه أيضًا ليست من كلام أبي داود، ولكن البداءة بالبسملة أمر مشروع اقتداءً بالقرآن العظيم، وبالنبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- في رسائله.
وأما قوله: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" فهو إظهار للعجز والتقصير يتضمن تواضعاً وانكسارًا لله -جل وعلا- في طلب الإعانة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم كنز من كنوز الجنة ((لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة)) فإذا كان ترابها المسك الأذفر فما الكنز الذي يدخر ويخفى تحت هذا التراب؟! إذا كان الظاهر المباح المتاح للجميع هو المسك الأذفر، يعني بمنزلة التراب عندنا، تراب الجنة، فماذا يتصور العقل؟ وماذا يدرك من عظمة هذا الكنز؟! فعلى المسلم أن يكثر منها لأنها من كنوز الجنة.
يقول -رحمه الله-: