هذا الكلام يمكن أن يوجه إلى فئة من طلاب العلم، لكن لا يوجه إلى الجميع، طالب العلم المبتدئ لا بد أن يتخرج على قواعد المتأخرين، ولا يمكن أن يلحق بالمتقدمين وعلم المتقدمين، وإن كانوا هم الأصل، والمتأخرون عالة عليهم، فإذا تخرج طالب العلم على قواعد المتأخرين، وعرف كيف يجمع الطرق، ويدرس الأسانيد، ويوازن بينها بعد معرفة القواعد النظرية التي قررها المتأخرون، إذا أكثر من ذلك عليه أن يديم النظر في أحكام الأئمة، ويحصل له من الملكة ما حصل لهم، فلا خلاف بيننا وبين الإخوة مثل هذا الكاتب، ما بيننا وبينهم خلاف، إلا أن المبتدئ إلحاقه بالمتقدمين، وإدامة النظر في كلام المتقدمين أشبه ما يكون بالتضييع، تضييع له، لا بد أن يتخرج على قواعد المتأخرين على الطرق المعروفة المعتبرة وعلى الجواد التي سلكها أهل العلم، ثم إذا تأهل بعد إدامة النظر في القواعد والتطبيق العملي من خلال جمع الطرق، وتخريج الأحاديث، ودراسة الأسانيد، إذا تأهل لذلك هذا فرضه؛ لأن المتأخرين عالة على المتقدمين، وسبق أن نظرّنا مراراً مثل هذا العمل بالتفقه، في بداية الأمر يتفقه طالب العلم إذا كان مبتدئاً يتفقه على طريقة إمام من الأئمة، في مذهب معين، على متن معين، ثم بعد ذلك يخرج عن ربقة التقليد بالتدريج، يستدل لهذه المسائل، يوازن بين أقوال الأئمة، وينظر في أدلتهم، وينظر في الراجح والمرجوح، ثم بعد ذلك يخلع ربقة التقليد، ويكون فرضه الاجتهاد، أما إذا طولب بالاجتهاد والتفقه من الكتاب والسنة في أول الأمر، من أول وهلة فلا شك أن هذا تضييع له، لا يدرك شيئاً، وقلنا: إن بعضهم حاول أن يجتهد من الكتاب والسنة قبل أن يعرف الفقه عن طريق الأئمة، فمر به باب الأمر بقتل الكلاب، فأخذ المسدس وكل كلب يعطيه رصاصة، هذا درس اليوم، درس الغد باب ما جاء في نسخ الأمر بقتل الكلاب، مثل هذا يصلح أن يتفقه من الكتاب والسنة؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا يصلح أن يتفقه من الكتاب والسنة؟ نعم، إذا أحاط أو تفقه على الجادة المعروفة عند أهل العلم فرضه الاجتهاد، ولا يجوز تقليد الرجال، لكن هو في بداية الأمر، في بداية الطريق حكمه حكم العامي، فرضه التقليد، وسؤال أهل العلم.