يريد أنه لا يشرب الخمر كأنه مرتو منها لا يعطش إليها ولا يفتر عن البذل فكأنه عطشانُ لا يروى من الخبر عن يداه خبر عنه فإذا لم يرو جوده من البذل لم يرو هو
يقول ملكه وعظم قدره يشهد بوحدانية الله تعالى ورأفته بخلقه حين ملك عليهم من هو عفيف محسن إلى الخلق
قال ابن جنى أي لا تعمل انياب الأسد ما يعمل سيفه في كفه فكأنها ليست موجودة وليس المعنى ما ذكره إنما يقول ما دام قائم سيفه في كفه لم يتسلط أسد على فريسة لأنه يصده بسيفه عن أن يعدو على الناس
وما دام هو يحرك يده في البذل لم يحل لأحد دعوى المكارم لأنه لا يجود احد جوده
وقال يمدح أبا الفضل محمد بن الحسين بن العميدي وورد عليه بأرجان
أراد تصبرن بالنون الخفيفة فوقف عليها بالألف نحو، ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا، ومثله كثير يقول يظهر حبك للناس صبرت عليه أو لم تصبر لأنه لا يطيق أحد كتمان الحب ويظهر بكاؤك جرى دمعك أو لم يجر فإن قيل كيف يظهر البكاء إذا لم يجر الدمع قيل عني ما يبدو في صوته من نغمة الحزن والزفير والشهيق والتهيؤ للبكاء ويجوز أن يكون البكاء عطفا على الضمير في صبرت كأنه يقول صبرت وصبر بكاؤك فلم يجر دمعك أو لم تصبر فجرى دمعك وحكى ابن فورجة أن أبا الطيب قيل له خالفت في هذا البيت بين سبك المصراعين فوضعت في المصراع الأول ايجابا بعده نفيٌ وفي الثاني نفيا بعده ايجاب فقال لئن كنت خالفت بينهما من حيث اللفظ فقد وفقت بينهما من حيث المعنى وذلك أن من صبر لم يجر دمعه ومن لم يصبر حرى دمعه يعني أنه أراد صبرت فلم يجر دمعك أو لم تصبر فجرى
يخاطب نفسه يقول ابتسامك الظاهر يغر الناظر إليك لأنه يرى ضحكا ظاهرا ولا يرى ما في الباطن من الاحتراق والوجد
القؤاد في الجدس بمنزلة الملك فلهذا جعله آمرا للسان والجفن يول أمر القلب اللسان بالكتمان والجفن بإمساك الدمع فأطعنه في الكتمان غير أن جسمك بالنحول دل على ما في قلب وهذا من قول الآخر، خبري خذيه عن الضني وعن الأسى، ليس اللسان وإن تلفت بمخبرِ، والهاء في كتمنه عائد على ما لا يرى
دعا بالتعس على ركائب الأظعان غير واحد منها غدا بحبيب كأ، هـ في حسنه صورة وعليه ثوب منقش بالصور
يقول حسدت لأجل الحبيب المصور صورةً في ستر هودجه لقربها منه ولو كنت تلك الصورى لخفيت حتى يظهر ذلك الإنسان لرأي العين وذلك أنّ كل أحد يحب أن يراه ودونه ستر يقول لو كنت ذلك الستر لأنكشفت حتى يظهر فأراه ويزول الحجاب وذكر بعض الناس بهذا تفسيرا متكلفا فقال المعنى أنه يقول لو كنت ذلك الستر لكنت سترا من عدم فكان يظهر المصور يصف قلته ونحوله
لا تترب أي لا تفتقر يقال ترب إذا افتقر وصار إلى التراب فقرا وكسرى لقب ملوك العجم يقوله الكوفيون بكسر الكاف والبصريون بفتح الكاف وكانت صورة هذين على الستر كأنهما أقيما مقام الحاجبين يحجبان هذا المصور ودعا للايدي التي نسجت ذلك الستر وصورت الملكين عليه بأن لا تترب
يقول كلاهما يدفعان ويصرفان السوء من الغبار وحر الهواء وحر الشمس عن مقلة في أحد الهوادج يعني هودج الحبيب وكنى عنه بالمقلة لعزته وجعل فؤاده محجرا لتلك المقلة والمعنى أنها كانت ضياء قلبي بمنزلة عين القلب فلما ارتحلت عني عمي قلبي والتبس عليّ أمري وفقدت ذهني كمقلةٍ ذهبت وبقي المحجر