أي أنت الذي بك بقاؤهم فإذا غضبت عليهم فقد غضبت عليهم حياتهم ولا عقوبة فوق هجر الحياة
يقول لم يجهلوا بعصيانك سوابق نعمك ولكن قد يخفى الصواب على الإنسان فيأتي غير الصواب
يقول قد يتولد من الدلال الذنب فيأتي صاحبه بذنب وهو يحسبه دلالا وقد يكون بعد سببه القرب وهذا اعتذار لهم أي أنهم أدلوا عليك لفرط إحسانك إليهم فأتوا في ذلك بما صار ذنبا وجناية منهم
يقو لكم جرم جناه السفهاء فنزل العذاب بغير من جنى كما قال الآخر، جنى ابن عمك ذنبا فابتليت به، إن الفتى بابن عم السوء مأخوذ، وقال البحتري، تصد حياء أن تراك بأعين، جنى الذنب عاصيها فليم مطيعها،
يقول إن خافوه بسبب جرمهم فإنه يرجى كما يهاب لأنه جواد مهيب
يقول إن لم يكن سيف دولتهم فهو ولي نعمتهم لأن جلودهم تنبت بإنعامه عليهم واكتسوا بما خلع عليهم من الثياب
الرباب غيم يتعلق بالسحاب من تحته يضرب إلى السواد ومنه قول الشاعر، كأن الرباب دوين السحاب، نعام تعلق بالأرجل، يعني أنهم تربوا بنعمته ونشؤوا في إحسانه كالنبت إنما يلتف بماء السحاب واثوا من الأثاثة يقال نبت أثيث وشعر أثيث
أي إنما تمكنوا من الأعداء بحشمته وانتسابهم إلى خدمته حتى انقاد لهم من العرب الذي لا ينقادون لأحد
يذكر قوتهم وشوكتهم وأن غير سيف الدولة لو أتاهم لما ظفر بهم وكنى بالشموس عن النساء وبالضباب عن المحاماة دونهن لأن الضباب يستر الشمس ويحول عن النظر إليها ويجوز أن يكون هذا مثلا معناه لو غزاهم غيره لكان له مشغل بما يلقى منهم قبل الوصول إليهم وإباحة حريمهم ومعناه أنه كان يستقبله من قليلهم ما كان يمنعه من الوصول إلى الذين هم أكثر منهم فجعل الضباب مثلا للرعاع والشموس مثلا للسادة
الثأي جمع ثأية وهي الحجارة حول البيوت يأوي إليها الراعي ليلا وفيها مرابض الغنم ومبارك الإبل أي لم يكن يصل إلى هذا الموضع منهم وكان يلاقي قبل الوصول إليه طعانا يكثر به القتلى حتى يجتمع عليهم الذئب والغراب
أي لقي خيلا تعودت قطع المفاوز على غير علف وماء حتى كان غذاءها الريح وماؤها السراب لأنها عراب مضمرة معودة قلة العلف والماء
أي ما نفعهم الوقوف في ديارهم للدفاع والمحاماة ولا الذهاب للهرب لأنهم أن وقفوا قتلوا وإن هربوا أدركوا
أي لم يسترهم عنه ليل ولا أخفاهم نهار ولا حملتهم خيل ولا ركاب لأن سيف الدولة طلبهم هذا كقوله، تخاذلت الجماجم والرقاب،
جعل جيشه كبحر حديد لكثرة ما عليه من الأسلحة ثم جعلهم يموجون خلفهم في سيرهم وراءهم
أي أتاهم مساؤهم يفترشون الحرير فبيتهم وقتلهم ليلا حتى جدلوا على الأرض مقتولين مع الصباح
أي صار الرجال كالنساء تخاذلا وانقيادا وإعطاء باليد
يريد ما كان من أبي الهيجاء والد سيف الدولة مع بني كلاب من الحرب
يريد أن والدك قتل آباءهم وعفا عن الأبناء فأعتقهم وهم صغار متقلدو قلائد والسخاب قلادة من قرنفل يلبسها الصبيان