وقال يمدحه ويذكر كتاب ملك الروم الوارد عليه
يقول عيناك دائي فما يلقاه قلبي من برح الهوى وما لقيه فهو لأجل عينيك والحب هو الذي يذيب جسمي ويفنى لحمي فما لم يبق مني مما ذهب وهو الذي أذهبه وما بقي هو له أيضا يفنيه ويذهبه.
يذكر أنه عزهاة لا يحب الغزل ولا يميل إلى العشق ولكن جفون جبيبه فتانةٌ لرائيها يعشق من يبصرها كيفما كان
يعني أنه يبكي في كل حال رضى عن المحبوب أو سخط عليه قرب منه أو بعد كما قال، وما في الدهر أشقى من محب،
يعين يرجو الوصل ويتقي الهجر بمراعاة أسباب الوصال وإنما جعل أحلى الهوى ما كان مشكوك الوصل لأن العاشق إذا كان في حيز الشك كان للوصل أشد اغتناما وإذا تيقن الوصل لم يلتذ به عند وجوده وإذا كان في يأس من الوصل لم يكن له لذة الرجاء فالهوى عليه بلاء كله كما قال الآخر، تعب يطول مع الرجاء لذي الهوى، خير له من راحةٍ مع يأس، والشعراء قد ذكروا هذه الحالة التي ذكرها أبو الطيب فمنهم زهير حيث يقول هذه الأبيات، وقد كنت من سلمى سنين ثمانياً، على صير أمرٍ ما يمر وما يحلوا، ثم الحلاج في قوله، مددت حبل غرورٍ غير مؤيسةٍ، فوت الأكف ولا جودٌ ولا بخلُ، والصرم أروح من غيثٍ يطمعنا، فيه مخايل ما يلفى بها بللُ، فجعل حالة الصرم أروح وابن الرقيات لم يصرح باختيار احدى الحالتين في قوله، تركتني واقفا على الشك لم، أصدر بيأسٍ منكم ولم أرد، وكذلك ابن أبي زرعة الدمشقي حيث قال، فكأني بين الوصال وبين الهجر ممن مقامهُ الأعراف، في محلٍّ بين الجنان وبين النار أرجو طوراً وطوراً أخافُ، وقال الخليع، وجدت ألذ العيش فيما بلوته، ترقب مشتاقٍ زيارَة عاشق، وأحسن أبو حفص الشطرنجي في قوله، وأحسن أيام الهوى يومك الذي، تهدد بالتحريش فيه وبالعتب، إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضى، فاين حلاوات الرسائل والكتبِ،
ريق الشباب أوله وكذلك ريق المطر وجعلها غضبي لفرط دلالها فهي ترى من نفسها الغضب دلالا على عاشقها ووصفها بسكر الحداثة ثم قال جعلت شبابي شفيعا إليها كما قال محمود الوراق حيث قال، كفاك بالشيب ذنبا عند غانيةٍ، وبالشباب شفيعا أيها الرجلُ، وقال البحتري، وإذا توسل بالشباب أخو الهوى، ألفاه نعم وسيلةُ المتوسلِ،
أي رب حبيب باردِ الإسنان حلو ريق الثنايا أبيض الوجه تعففت عنه وتصونت بستر الفم منه كيلا يقبلني فقبل رأسي اجلالا لي وميلا إليّ يريد أنه أحبّ وصله وتعفف عما يحرم
يصف نفسه بالنزاهة وأنه لم ينظر إليهن حين زرنه فلم يعرف ذات الحلى ممن لا حلى عليها.
يقول ليس كل عاشق عفيفا شجاعا مثلي يعني أنه يشجع نفسه في الوغى ويعف في الهوى وليس كل عاشق يفعل ذلك والمرأة تحب من صاحبها أن يكون شجاعا عند الحرب فذلك قوله ويرضى الحب والخيل تلتقي كما قال عمرو بن كلثوم، يقتن جيادنا ويقلن لستم، بعولتنا إذا لم تمنعونا،
أي سقاها ما يورثها السرور والطرب ويفعل فعل الخمر العتيق وهذا على عادة العرب من الدعاء بالسقيا وهو مجاز لأن الأيام ليست مما يسقي
يقول إذا استمتعت بعمرك كالمستمتع بما لبسه فنيت أنت وما لبسته من الدهر باقٍ لم يبل يعني أن الإنسان يبلي والدهر جديد لا يبلى ولهذا يسمى الدهر الازلم الجذع