يقول إن فضلت الناس وأنت من جملتهم فقد يفضل بعض الشيء جملته كالمسك وهو بعض دم الغزال وقد فضله فضلا كثيرا قال أبو الحسن محمد ابن أحمد المعروف المغربي كان سيف الدولة يسر بمن يحفظ شعر المتنبي وانشدته يوما، رأيتك في الذين أرى ملوكا، وكان أبو الطيب حاضرا فقلت هذا البيت والذي يتلوه لم يسبق إليه فقال سيف الدولة كذا حدثني ثقةٌ أن أبا الفضل محمد ابن الحسين قال كما قلت فأعجب المتنبي واهتز فاردت أن أحركه فقلت إلا أن ي أحدهما عيبا في الصنعة فالتفت المتنبي التفات حنق فقال ما هو فقلت قولك مستقيم في محالٍ والمحال ليس ضدا للاستقامة وإنما ضدها الأعوجاج فقال الأمير هب القصيدة جيميةً فكيف تعمل في تغيير قافية البيت الثاني فقلت عجلا كرده الطرف، فإن تفقِ الأنام وأنت منهم، فإن البيض بعض دم الدجاج، فضحك وضرب بيده وقال حسن مع هذه السرعة إلا أنه يصلح أن يباع في سوق الطير لا أنه مما لا يمدح به امثالنا يا أبا الحسن.
وقال يمدحه ويذكر استنقاذه أبا وائل تغلب بن داود لما اسره الخارجي في كلب وقتل الخارجي في شعبان سنة سبع وثلثين وثلثمائة.
يقول إلى متى يطمع العاذل في استماع كلامه والحب يقع اضطرارا لا اختيارا والعاقل لا يقع في شركة الحرب برأيه واختياره فلا معنى للوم فيه وإلى م مثل قولهم فيم ومم وعم وعلى م وحتى م والطماعية مصدر مثل الكراهية.
يقول العاذل يريد من قلبي أن ينساكم ويسلو عنكم وأنا مطبوع على حبكم فكيف انتقل عن شيء طبعت عليه والطبع لا يقبل النقل وإن نقل إلى شيء آخر لم يصبر عليه وهذا كقول العباس ابن الأحنف، لا تحسبني عنكم مقصرا، إني على حبكم مطبوع،
يقول بلغ من عشقكم وحبي إياكم أني أحب نحولي فيكم لأن سببه حبكم وأحب أيضا كل ناحل في الحب.
يقول لو فارقتموني ولم أبك على فراقكم سلوا عنكم بكيت على ما زال من حبي إياكم كأنه يقول أحبكم وأحب حبكم حتى لو ذهب عني الحب لبكيت على فراقه.
يقول كيف ينكر خدي ما يجري عليه من الدمع وهو مسلك له ودموعي تجري من خدي في طريق مذللٍ قد جرت يه كثيرا على الفراق الأحبة.
يقول تركت السلو للائم وهو حظه لا حظي ولي من الشوق شغل شاعلٌ عن السلو يشغلني عنه ومن استماع اللوم.
قال تباعد ما بين أجفاني للسهر فليست تلتقي لنوم فكأنها ثياب ثاكلٍ شقت كأنه يقول فقدتهم وفقدت النوم بعدهم وكان جفوني شقت على فقدهم كما شق الثاكل ثوبه وهذا كقوله، قد علم البيت منا البيت أجفانا، وأخذ أبو محمد المهلبي الوزير هذا المعنى فقال، تصارمت الأجفان لما صرمنني، فما تلتقي إلا على عبرةٍ تجري،
يقول لو أسرني شيء غير الحب لخرجت من أسره بحيلة وضمانٍ كما ضمن أبو وائل مالا لآسره حتى انفك من الأسار ثم ذكر تلك القصة فقال:
أي ضمن لهم الذهب ثم أعطى بدل الذهب صدور الرماح وذلك أن سيف الدولة استنقذه من أيديهم بغير فداء
أي اعطاهم مناهم فوعدهم أن تقاد إليهم الخيل في فدائ فجاءت الخيل بالرجال الشجعان يعني أن أصحاب سيف الدولة أتوا لمحاربة الخارجي.
يقول كنا بعد إساره في ظلمة حزنا عليه فلما تخلص وعاد إلينا كان عودة كعودة القمر بعد الأفول.
يقول دعاك لاستنقاذه فأجبته ولو سكت لم تقعد عنه ولم تغفل فكم ساكت وهو بعيد عنك لست بغافل عنه حتى كأنه قائل يسألك حاجته.